راجح المحوري يكتب/ مشروع (أبو زين الوليدي) التوثيقي

راجح المحوري يكتب/  مشروع (أبو زين الوليدي) التوثيقي

(أبين الآن) كتب راجح المحوري

من منبع النهر حتى مصبه تمتد الحياة.. تزهر الأرض على جنبات الماء.. وينبت القمح والنخيل.
(بين الأنهار الخمسة)..
في هذا الكتاب لن تدهشك ثقافة الكاتب الموسوعية، وقدرته على الإلمام بالجزء الأهم من تاريخ القارة الهندية، بسلمها وحروبها، بثقافتها واقتصادها، بتركيبتها العرقية والدينية والمذهبية، لن يدهشك ذلك فقط فهناك لغة الكاتب، هناك القلم السهل الممتنع ، الذي يجعلك تلامس الأحداث، تقترب من الشخصيات، تتفاعل مع تقاسيم وجوهها المرسومة على الورق بدقة وحميمية رواد المدرسة الواقعية.
دعك من حكمي التأثري القابل للنقاش طبعا، وخذ الكتاب بنفسك، فهذا بالنسبة ليس سوى مدخل ومناسبة جيدة للحديث عن موضوع آخر، كثيرا ما تحدثنا عنه أنا والصديق الأستاذ ناصر الوليدي، وهو مشروعه التوثيقي بالغ الأهمية، المشروع الحلم، الذي يسعى إليه منفردا وينجز فيه وحيدا.
 الأستاذ أبو زين ناصر الوليدي ياسادة، لديه مشروع توثيقي شامل، عن دثينة تاريخها وجغرافيتها وأعلامها ومعالمها، سيكون وثيقة تاريخية مرجعية للدارسين والمهتمين، وكل من لديه شغف بمعرفة تفاصيل القبائل ونطاقاتها الجغرافية ورموزها الشعرية والأدبية والسياسية في منطقة دثينة، ورؤيته لهذا المشروع بمراحله وأجزائه ومواده وموضوعاته، واضحة، وأدواته التقنية والفنية والعلمية جاهزة، غير أن ما يؤخر البدء في الإنجاز هو التمويل..والواجب كل الواجب اليوم هو على المعنيين بالأمر، على أبناء دثينة، فوالله أنه لمما يثير الحسرة في النفس أن نرى إخوتنا أبناء يافع مثلا، يتسابقون إلى تقديم الدعم السخي لمشروع توثيق إرثهم التاريخي، والذي خرج في الموسوعة اليافعية الفاخرة على يد الدكتور نادر العمري، وكذلك أبناء شبوة الذين علمت بأنهم يستعدون لإطلاق مشروع مماثل، مع الرعاية الكاملة والدعم اللامحدود، بينما يقف تراث دثينة متحسرا كسيرا، قد علاه غبار الأيام، وكرت عليه رمال السنين، وهو التراث الثمين، الغني بالأحداث الكبرى، الزاخر بالبطولة والمجد، المليء بالشخصيات الفذة الخالدة منذ عصر الإسلام وحتى اليوم.
فأين من يقول أنا لها يا أبناء دثينة؟
إن في دثينة شخصيات سياسية وعسكرية ودبلماسية، ورجال أعمال، وما تعرفون من هامات ذات ثقل محلي وخارجي، فيها الرؤساء وفيها الوزراء وفيها القادة، فيها الشخصيات الوازنة المقتدرة المؤثرة، من مختلف القطاعات، ومن شتى التوجهات، وهي شخصيات لديها القدرة على دفع هذا المشروع إلى حيز الوجود، إن هي وعت خطورة وأهمية توثيق تراث دثينة (بالطرق العلمية المحكمة الصحيحة)  كما وعى ذلك إخوتنا في يافع وشبوة، وتنادوا لدعمه من كل حدب وصوب، فأجمعوا عليه واجتمعوا لدعمه على اختلاف قناعاتهم السياسة والفكرية، وتوجهاتهم وآراءهم وأفكارهم.
وليس هناك من لديه مؤهلات الأستاذ ناصر الوليدي للقيام على مشروع بهذا الحجم، وأقولها بكل أمانة وتجرد، ليس هناك من لديه مؤهلات الوليدي، لأنه ليس كل كاتب أو باحث مؤهل لكتابة التاريخ.
فالوليدي لديه علاقات اجتماعية واسعة، وثقل شخصي، وأسلوب حواري آسر، وهذا جانب أساسي في شخصيته يضمن له الحصول على الوثائق والمرويات المهمة، من أصعب الناس مراسا، وذلك وهذا هو عماد مادة المشروع.
كما أنه صاحب ثقافة موسوعية، وقلم رصين حساس سيعطي العمل رونقه وجماله الفني الخاص، إضافة إلى أمانته العلمية، وصبره على تتبع المرويات التاريخية، وتوثيقها من أدق مصادرها، وقد أخبرني أنه في مرة من المرات استمر يبحث من بعد صلاة الفجر إلى إذان الظهر، للتحقق من معلومة واحدة أراد أن يوردها في أحد منشوراته.
كما أنه حقق سبقا في أكثر من ثلاث فرضيات تاريخية تتعلق بدثينة، وكان هو أول من أثبتها من مصادرها.
وهذه صفات لن تتوفر في من يحاول أن ينهض بهذا الجهد دائما، وعلى أبناء دثينة استثمار هذه الشخصية الآن، قبل أن يحل عصر لايجدون فيه من يملك نفس هذه المميزات ليضعوا تراثهم بين يديه.
فهل تفعلها دثينة؟.
أخيرا أنوه بأن للوليدي حتى الآن كتاب عن دثينة جاهز للطباعة، كما أن له كتبا أخرى مطبوعة وأخرى جاهزة للطباعة وأخرى تحت التأليف.
وقد استفاد من كتاباته عن دثينة الكثير من باحثي الماجستير والدكتوراه، كما استفاد منها بعض الكتاب والمحاضرين وخطباء المساجد، وكل ذلك في الغالب يتم دون إشارة إلى المصدر مع الأسف.. بمعنى أن كتابات وبحوث أبي زين الوليدي عن دثينة قد أصبحت مرتعا ومرجعا للكثير من طلاب الدراسات العليا والكتاب والمؤلفين.

*بقلم الأديب راجح المحوري*