المعلم... صوت الجوع الذي قوبل بالصمت والقمع

بقلم: جهاد حفيظ

في مشهدٍ مليء بالحزن والأسى، خرج كثير من شرائح المجتمع يطالبون التدخل الفوري لتدهور الوضع الاقتصادي انقطاع التيار الكهربائي راينا المعلمون اليوم في ساحة العروض، يحملون معهم آلامهم ومعاناتهم، مطالبين بحقوقهم المسلوبة وسط تدهور اقتصادي خانق.

 لم يكن خروجهم ترفًا أو رفاهية، بل صرخة استغاثة في وجه واقع يزداد ظلمة كل يوم.

بين جموع المحتجين وقف معلم رمز النضال اليومي، يتحدث بحرقة عن الجوع الذي ينهش جسده وعن صعوبة تأمين لقمة العيش لأطفاله كلماته كانت صدىً لصوت المعاناة الذي يشعر به آلاف المعلمين والمواطنين في هذا الوطن قال بصدق: "من الصباح حتى الظهر أُدرّس، وأنا أموت جوعًا، وأفكر كيف أوفر الغذاء لأولادي."

كلماته كانت قوية، مؤثرة، وصادقة لدرجة أنها أوجعت البعض... ولكن للأسف، لم توقظ التعاطف بل أثارت غضب أولئك الذين يدّعون أنهم يمثلون الشعب ويحملون همومه.

الرد الذي لم يكن متوقعًا

بدلًا من أن يجد هذا المعلم الدعم والمساندة، قوبل بالقمع والإهانة.

 أحد الإعلاميين التابعين لاحد القنوات التي يُفترض أن تكون صوت المواطن وقف ليهاجمه. ولأن القمع يحتاج إلى أدوات أكثر من الكلمات ليضيف إلى المشهد وجعًا جديدًا وكأن صوت المعلم أصبح جريمة وكأن الحديث عن الجوع عيب يُعاقب عليه.

هذا المشهد يفتح بابًا من التساؤلات الموجعة:

أليس المعلمون هم عماد المجتمع وبناة الأجيال؟

كيف يمكن أن تُقابل معاناتهم، التي يعرفها الجميع، بالتجاهل والقمع بدلًا من التضامن؟

أين القلوب التي كان يجب أن تشعر بألم هذا الرجل وألم كل معلم يعاني بصمت؟

المعلمون في مواجهة الإهمال والجوع

المعلم الذي تحدث اليوم لم يكن يطالب بالكثير، فقط الحد الأدنى من حقوقه كإنسان لكن بدلًا من أن يُنظر إليه بعين الرحمة، واجه وجهًا آخر من وجوه الظلم.

ما حدث اليوم هو انعكاس لحال أمة تنكرت لأولئك الذين يحملون على عاتقهم أعظم رسالة، رسالة التعليم. إن إهانة المعلم ليست مجرد إهانة لفرد، بل هي إهانة للمجتمع بأكمله.

رسالة إلى كل مسؤول

يا من تدعون حماية هذا الشعب وتمثيله، ألم يكن من الأجدر أن تقفوا إلى جانب المعلم وتستمعوا إلى معاناته؟

ألم يكن الأولى أن تعبروا عن تضامنكم، لا أن توجهوا سهامكم إلى من يئن من الجوع؟

إن لم يكن المعلم يستحق الاحترام والتقدير، فمن يستحق؟

إلى ذلك المعلم، وإلى كل من خرج اليوم يصرخ باسم الجوع والحق والكرامة:

نعتذر لكم، ليس لأننا مسؤولون عن هذا الظلم، بل لأننا جزء من مجتمعٍ صامتٍ يراقب ولا يتحرك.

صوتكم لن يُمحى، وجوعكم لن يُنسى أنتم أيقونة الكرامة في وطن يختبر صبركم يومًا بعد يوم.

ستبقى صرخة المعلم أقوى من كل قمع، وأعلى من كل ظلم. الجوع قد يضعف الجسد، لكنه لن يقتل الحق.