الارتقاء كالطائر الذي يحلق بعيداً عن قيود الجهل والجمود

في رحلة الحياة، حيث تتلاطم الأمواج بالأسئلة وتتعثر الأقدام بغموض الدروب، يكون العقل هو البوصلة الثابتة التي ترشدنا إلى شواطئ اليقين. إنه النور الذي ينير الزوايا المعتمة، والفاصل الذي يميز بين الحقيقة والوهم، بين الجوهر والظل.

أما المنطق، فهو سفينة ذلك العقل الشامخة، تبحر به في بحور الأفكار، محافظة على اتزانها، لا تميل مع هوى عاصف، ولا تنحرف بتيار مضطرب. هو الجسر المتين الذي نعبر عليه من فوضى المشاعر إلى نظام الأفكار، ومن عَبَث التخمين إلى دقة الاستنتاج. هو لغة الحكمة التي يتكلم بها العقل ليفهم العالم من حوله.

وعندما يتحالف العقل والمنطق، لا يبقى المرء مكانه يراوح، بل يرتقي إلى الأمام. تكون تلك الارتقاء كالطائر الذي يحلق بعيداً عن قيود الجهل والجمود، نحو آفاق أوسع من الفهم والإدراك. هي الخطوة الشجاعة التي تتحدى المألوف، وتشق طريقاً جديداً حيث لا طريق.

الارتقاء إلى الأمام هو أن تتعلم من الماضي دون أن تقيدك أوجاعه، وأن تعيش الحاضر بوعي كامل، بينما عيناك على مستقبلٍ تبْنِيه بيديك، لبنةً بلبنة، على أساس متين من الحكمة والتفكير السليم.

فهنيئاً لمن جعل عقله قائداً، ومنطقه مرشداً، وسار على درب التقدم لا يلتفت إلى الوراء إلا ليتعلم، ولا يتوقف إلا ليتزود.