محطات تاريخية على الطريق خلال زيارتي لمنطقة الفرع
في تمام الساعة السابعة صباحاً بالتوقيت المحلي لمديرية الوضيع انطلقت برفقة الأعزاء الأستاذ سالم العواص مدير مكتب التربية والتعليم بالمديرية والغالي عرفات هدران عضو الهيئة الإدارية بالمجلس المحلي على متن سيارته المحروسة رفقة الأخوين منصور منيب و علي شيخ هدران في مهمة عمل رسمية كانت الوجهة قرية الفرع النائية بمنطقة الجبل، ومع نسمات الصباح الباردة انطلقنا لتلك المنطقة التي تعد آخر القرى التابعة لمديرية الوضيع في الإتجاه الجنوبي الشرقي بمحاذاة مديرية أحور.
يمكن الوصول إلى قرية الفرع عبر الاتجاه شرقاً بعد نقطة باحكم حيث لا يمكن الوصول إليها إلا عبر طرق فرعية متعرجة ووعرة بين الحجارة و الجبال البركانية يفصلها عن الخط الاسفلتي مسافة ساعة ونصف بالمركبة وللوصول إليها يجب أن تمر على محطات تاريخية تدور حولها العديد من القصص والروايات والأساطير من هذه المواقع قلعة( دار زينة) التي تبعد قليلاً عن طريقنا شاهدناها على يميننا في رحلة الذهاب وهي عبارة عن جبل منحوت على شكل قلعة غاية في الدقة والجمال الرباني الآسر تطل على ساحل أحور، كثيراً ما كنت أسمع عن هذا المكان العديد من القصص والأساطير التي تروى على مدى الأجيال وأنها كانت قلعة يحتمي بها قبيلة الشرمان في غابر الزمان يشنون منها غزواتهم وحروبهم الطويلة، أيضاً للوصول إلى وجهتنا يجب أن نمر في منتصف قاع السراة وهو قاع ترابي تحيط به الحجارة البركانية والجبال من كل اتجاه يحيط بهذا القاع سور عظيم البنيان ممتد وواسع عريض البناء يشمل كل القاع الذي تقدر مساحتة باكثر من 3 كيلو طولاً وعرضا.
قاع السراة تربطني معه العديد من الحكايات الي كان يرويها لنا كبار السن في طفولتنا حيث تقول الأسطورة أن حدث ماء لا أتذكر ما هو بالضبط حرب أو ما شابه سيحصل في مديرية الوضيع سيجبر قبائل آل بليل إلى الهروب والاحتماء بأسوار هذا القاع التي يبلغ حالياً ارتفاعها حوالي مترين ونصف بعد سقوط الأجزاء العلوية منها مع مرور الزمان، هذا الأسوار حتى اللحظة لم يُعرف من قام ببناءها وما هي الغاية من تشييدها في ذلك المكان النائي والمعزول والمحتجب خلف الجبال.
عموماً تخطينا تلك الأماكن التاريخية في لهفة وشوق لسبر أغوارها ولكن ليس الآن فوجهتنا الحالية هي قرية الفِرع،وعلى مشارف القرية كان في استقبالنا الشيخ عوض العاتمية كبير القرية وعاقلها والذي اغدغنا بكرمه الحاتمي المعهود فكان مرافقا لنا طول اليوم الذي قضيناه في تلك القرية الجميلة التي تمتلك بعض مقومات الحياه كأفضل من غيرها من قرى المديرية النائية كمشروع المياه والوحدة الصحية والمدرسية حيث طاف بنا الشيخ عوض في هذه المرافق التي تعاني من بعض النقص الأمر الذي يجعلها عرضة لخروجها عن الخدمة في أي وقت،تحدث لنا العاتمية عن الوحدة الصحة التي هي في أشد الحاجة إلى منظومة طاقة شمسية لتشغيل الأجهزة فيها وتقديم خدماتها لأهالي المنطقة والتي ناشد من خلالنا رجال الخير والأيدي البيضاء لتفعيل العمل في هذه الوحدة من خلال توفير الطاقة الشمسية لعمل الأجهزة وخدمة المجتمع المحلي هناك ،كما أخبرني كذلك عن نيته في تدشين مبادرة محلية لشق أحد العقبات وردمها لتسهيل حركة السير فيها فور حصوله على بعض الدعم اللازم لذلك العمل الخيري الذي سيسمح بتسهيل حركة الناس وتنقلاتهم.
بعد ذلك طاف بنا الشيخ العاتمية في مزرعته بالقرب من القرية و التي تجود بمختلف الأصناف الزراعية كالمانجا والليمون وأصناف الخضراوات والبقوليات أيضاً توجد فيها نبتة الكماه الموسمية التي تستخدم بعد شويها لعلاج مياه العين ومختلف آفاتها حسب ما أخبرنا،وبعد انقضاء عملنا هناك ودعنا الشيخ عوض العاتمية وأبناء قريته الكرماء تلك القرية التي حين تطل عليها من بين الجبال تظهر وكأنها قطة من الجنة بخضارها وجمالها الرباني الآسر وكلوحة أبدع في تصويرها سبحانه وتعالى من بين أكوام الحجارة السوداء والجبال البركانية الشاهقة الجرداء ،والى الملتقى دمتم في خير.