العالم لا يحترم الضعفاء.. القوة ضرورة في معادلة السياسية
في عالم تحكمه المصالح لا المبادئ، لا يكفي أن تكون صاحب حق، بل يجب أن تكون قادراً على انتزاعه، التاريخ لم يكتب يوماً عن شعب استعاد حقوقه بالاستجداء، ولم يخلد قضية انتصرت بالضعف والتردد، فالحق بلا قوة كصيحة في الفراغ، والعدل بلا سند مجرد فكرة مثالية لا وزن لها في ميزان السياسة الدولية.
وهذا يقودنا للقول بأن منطق ان العالم سينصف المظلوم لمجرد أنه مظلوم، ليست سوى وهم، فالعالم لا يتحرك إلا وفقاً لمعادلات القوة والمصالح، وهو أكثر ميلاً لاحترام من يملك زمام أمره، ويحدد مساره، ويفرض وجوده في ساحة التأثير، أما من يكتفي بالشكوى والتذمر، فلا يلقى سوى التجاهل مهما كان قضيته عادلة.
كما أن الأسوأ من الضعف، أيضاً هو الخيانة، فالخائن لا يحظى باحترام خصمه، ولا بثقة شعبه، ولا بتقدير التاريخ، فالعالم لا يرحم من يخون وطنه، ولا يغفر لمن يعبث بمقدرات بلاده، ولا ينظر بعين الاحترام لمن يقايض سيادة أرضه بمصالحه الضيقة، فلا يوجد عدو يحترم من يعمل لصالحه ضد وطنه، بل يزدريه أكثر من عدوه الصريح، ويستخدمه كأداة مؤقتة ثم يلقي به في مزابل النسيان
لذلك، إن معادلة البقاء في هذا العالم واضحة: من لا يملك القوة، لا يملك قراره، والقوة هنا، ليست فقط القوة في السلاح، بل القوة في الوعي السياسي، القوة في الاقتصاد، القوة في الإرادة، القوة في وحدة الصف، فالدول التي تفهم هذه الحقيقة تصنع مكانها على الخارطة، أما التي تراهن على ضعفها فتصبح مجرد ساحة تتلاعب بها القوى الكبرى، بلا وزن، بلا سيادة، بلا مستقبل.
وبناء على ذلك نستنتج انه في هذا العالم، لا يحترم إلا القوي، ولا يسمع إلا صوت من يملك القدرة على فرض واقعة، ومن أراد أن يكتب له المجد، فليكن مستعداً لدفع ثمنه، بثباته، بإرادته، وباستعداده للدفاع عن وطنه وحقوقه، بكل ما أوتي من قوة.