قد ينفعك اسمك
كتب: أبو زين ناصر الوليدي
في قائمة جوالي عدد كبير من الأصدقاء، فهذا عبد الله وهذا سعيد وهذا خالد وهذا وهذا، وهم على درجات متفاوتة في علاقتهم بي، بل وبعضهم لا أعرفهم شخصياً، وبعضهم تواصل معي لعمل محدد فحفظت اسمه، وليس بيننا علاقة تذكر.
وعندما أكتب منشورا أو قصة أو مقالة أو بحثاً فإني أرسله إلى الأصدقاء المقربين أو ذوي الإختصاص والاتجاه المتعلق بموضوع المكتوب، وأحياناً أجد فائدة نادرة أو مقالة جميلة أو نقلا مهما فأرسله كذلك للمهمين والقريبين، وطبعا أهم من أرسل إليه كل ذلك هم ولداي وصديقاي (محمد الوليدي وأسامة الوليدي)، وأدناك فأدناك في الحب والقرابة والاهتمام والتخصص.
ومن الناس الذين أحرص على أن أرسل إليهم كل منشور (مثلاً) أخي وحبيبي الشيخ (حسن غالب)، ولما أريد أن أحول ذلك المنشور فإني أعمل له علامة التحويل ثم أتجه إلى البحث في الأسماء، فأكتب ( غالب) بحثاً عن الشيخ حسن غالب، ولكن البحث يظهر لي كل من في اسمه ( غالب) فلا أبخل عليهم، فأرسل لهم ذلك المنشور مجاورة لحسن غالب، فأصبح كل من في اسمه غالب تصله كل رسالة محولة مني، ولمست من بعضهم الاهتمام والحرص والتلهف والمتابعة لكل الرسائل، فحصلوا على الفائدة بفضل الاسم أو اللقلب أو اسم الأب، وهم في الأصل لم يكونوا مقصودين أصالة.
وهذا عند العرب يسمى المجاورة، لدرجة أن المجاورة تؤثر على حركات الإعراب، فلربما تجعل المضموم مكسورا أو العكس كما في قولهم ( جحر ضب خرب) بكسر خرب مع أن حقه الضم، وبعض العلماء يذكر من ذلك قوله تعالى ( ... وأرجلكم إلى الكعبين) بجر أرجلكم بسبب مجاورة أرجلكم للمجرور بالباء ( رؤوسكم)، وهي قراءة سبعية حملها بعضهم على مشروعية المسح على الخفين.
وكم يستفيد المرء من المجاورة في حياته دينا ودنيا والواقع خير شاهد، فكمن رجل كان ساهيا عن صلاته ودينه فقدر الله أن يبني أو يستأجر بيتا عند مسجد مبارك فيتحول الرجل إلى (حمامة المسجد) ويدخل الدين على أهل بيته، وينشأ الأطفال في حلقات التحفيظ وتذهب النساء إلى حلقات البنات، وتتحول العائلة إلى عائلة صالحة، ولربما نبغ فيهم عالم أو داعية أو طالب علم .
ولعله مر عليك دعاء نبي الله إبراهيم عليه السلام حينما قال : ( رب إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند *بيتك المحرم* ربنا *ليقيموا الصلاة* ..) .
والأمثلة كثيرة.
وقد حدثني أحد الدعاة أنه لقي مسلما أمريكيا أعتنق الإسلام وترك النصرانية، وأخبره أن ذلك كله بسبب اسمه، فقد كان أبوه مثقفا موسوعيا فقرأ عن الحضارة الإسلامية وأعجب بشخصية عمر بن الخطاب فسمى هذا الولد ( عمر) قال : فكان معظم من يعرفون اسمي أو يرونه في الوثائق يقولون: هل أنت مسلم ؟ وهذا دعاني للبحث عن الإسلام، فعرفت أنه دين الله الحق.
ومن الطرائف في هذا أن أحد الأصدقاء الشباب حدث أنه ذهب إلى مدرسة أهلية لحاجة مستعجلة يريد أن يوصلها إلى أخته المدرسة في هذه المدرسة، فانتظر في مكتب المديرة، فسألته المديرة عن اسم أخته فقال اسمها (ثريا) فطلبت المديرة من إحدى المدرسات أن تنادي الأستاذة (ثريا) وتخبرها أن أخاها ينتظرها في مكتب المديرة، فجاءت (ثريا) تهرع إلى مكتب المديرة وهي كاشفة عن وجهها إذ ليس في المكتب إلا المديرة وأخوها، ولكن أتضح أنه حصل خطأ ففي المدرسة مدرستان اثنتان اسمهما (ثريا) والتي جاءت ليست هي أخته، وحصلت لحظة خجل وإرتباك وحاولت ثريا أن تسحب البرقع وتضعه على وجهها ولكنه بسبب شدة سحبه سقط على الأرض فغطت وجهها بيدها وانحنت لتتناول البرقع كما قال النابغة:
سقط النصيف ولم ترد إسقاطه
فهوت إليه واتقتنا باليد
بعد هذا الموقف وقعت ثريا في قلب ذلك الشاب وسأل عنها أخته ثريا وتقدم لخطبتها وهي الآن زوجته وأم ولديه.
والقصص عن فوائد الاسم كثيرة، والمنشور طال على القراء فنكتفي بهذا.
.