اكسروا الاحتكار فالتاجر المنصف هو من يستحق السوق 

في ظل المعاناة التي يعيشها المواطن اليوم، بسبب استمرار ارتفاع بعض الأسعار وتدهور القدرة الشرائية، تبرز ضرورة الحديث عن أحد أهم الحلول الواقعية والمباشرة التي يمكن أن تحدث فرقا ملموسا في حياة الناس وهي خلق التنافس بين التجار وتشجيع السوق العادل.

التنافس الحر من أهم أدوات ضبط السوق، والوسيلة الأنجح لكسر الاحتكار ووقف الاستغلال. فعندما يدرك التاجر أن المستهلك لديه خيارات متعددة، وأن هناك من يقدم نفس المنتج بسعر أقل أو بجودة أعلى، فإنه سيتجه حتما لتحسين أسعاره وخدماته حفاظا على زبائنه ومكانته في السوق ولذلك بعد تحسن العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، أصبح من المنطقي والمتوقع أن تنخفض الأسعار خاصة للمواد المستوردة. لكن الواقع يظهر أن الكثير من التجار لا يتجاوبون مع هذا التغيير ويتمسكون بأسعار مرتفعة بحجة التكاليف القديمة متناسين أن ذات الحجة لا تستخدم عندما يرتفع الدولار فحينها يرتفع السعر في ذات اليوم
ومن هنا فإن المسؤولية لا تقع على الجهات الحكومية فقط، بل على المواطن كذلك، إذ يجب أن يكون جزءا من معادلة ضبط السوق فبدلا من الشكوى المستمرة، يمكن للمواطن أن يتخذ موقفا إيجابيا، بأن يدعم ويشجع التجار الذين يخفضون الأسعار ويقدمون منتجاتهم بعدالة هذا التشجيع يمكن أن يكون من خلال التعامل معهم، مدحهم على وسائل التواصل، وحتى تنظيم حملات مجتمعية لدعمهم، مما يدفع البقية إلى الاقتداء بهم
كما يجب أن تلعب وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي دورا مهما في تسليط الضوء على التجار النزيهين، وتشجيع التنافس الشريف فالإشادة بالمبادرات التجارية
المسؤولة تشكل عامل ضغط معنوي على من يستغلون المواطنين، وتحفز الآخرين للانخراط في سوقٍ أكثر عدالة وشفافية.

لذلك خفض الأسعار ليس مستحيلا ولكنه بحاجة إلى إرادة مشتركة من المواطن، والتاجر، والدولة. ومع تحسن العملة وعودة الأمل في استقرار اقتصادي نسبي، يجب أن يكون هناك وعي جماعي بأن حماية المواطن تبدأ من كسر الاحتكار وخلق التنافس ودعم من يستحق الدعم هذه الخطوة، وإن بدت بسيطة، هي حجر الأساس في إعادة التوازن إلى السوق وإنصاف الناس.