أرق قلوباً

بقلم/حسين السليماني الحنشي

يعتبر التسامح أحد المبادئ الإنسانية، والذي من خلاله يجفف المشاكل...
وهو في ديننا الإسلامي الحنيف يعني نسيان الماضي المؤلم، والتخلي عن إيذاء الآخرين عن الماضي الذي حدث.
وهذا كله لايقع إلا من قبل أفراد يتحلون بصفات الكمال في السلوك الذي جبّل عليه الإنسان ، وليس الكمال المطلق فهو خارج عن سلوك الإنسان!
وحين تتوفر تلك الصفات الجميلة في الأفراد الذين يمسكون بزمام المبادرة ، تتطلع الأفراد إلى مراتب أكثر ، ولا يستجيب لها إلا تلك الأصناف النادرة من البشر!
وهذا يذكرني بما وقع وحدث حينما قتلت (حنين البكري)  وقد هز المجتمع المدني، وأصبحت قضية رأي عام.
وكنت من كتب عنها، تحت عنوان (حنين ـ بأي ذنباً قتلت)، واليوم يتعاطف الرأي العام ، ويحول البوصلة إلى بنات القاتل، ويأت المجتمع المدني قوافل من شرائحه المجتمعية ، إلى صاحب وولي الدم، يطلب العفو منه!
وحين علم ولي الدم بهذا الرأي العام الذي جعل القضاء يستعجل في الحكم الذي رغب به الرأي العام.
هنا تحول الرأي العام عكس مطالبه التي كان يرغبها.
وهذا دليل على (أرق القلوب)، كما وصفها النبي صلى الله عليه وسلم، بقوله : "أتاكم أهل اليمن، هم أرق أفئدة وألين قلوبا، الإيمان يمان والحكمة يمانية".. وهذا شعار مخصص لأهل الإيمان والحكمة المحبين للإصلاح بين الناس!
وتجد هذا الشعب يمارس حياته بكل بقعة من البلاد على مافيها من خلافات، لكن تجد الشعب، يعيش في هذا الوطن، وتجدهم يتجولون في كافة ربوعه!
وهذا النوع من المجتمعات، هم ذوات قلوب نقية، ويعد هذا المجتمع ذوي قيم إنسانية كبيرة، فلا نخشى أن نفتقدها يوما من الإنسان اليمني، فنحن نحتاج إلى تكاثر هذه القلوب السليمة؛ لأننا نستمد منها الصدق والطيبة التي ورثناها عن الأجداد، وهي من حاربت الحقد ومنعت انتشاره في قلوب الكثيرين، على الرغم من الفتن الموجهة نحوه، لذلك فهناك الكثير من الشعوب التي تدفع الثمن مع وجود الأنظمة فيها. ويجب تكريم من تحلى بصفاء القلوب التي خلت من الانتقام، واستسلمت أمام صفاء قلوب المحبين من الرأي العام، والذي مازال يمتلك القوة والانتقام، وتلك العبارات عن التسامح من الرأي العام، هي جزء من العدالة التي وصلت إلى أعلى مراتبها، لكن في تلك اللحظات الحرجة والأخيرة، أشرف العفو عن الثأر . وأصبح التسامح زينة المكان، فهطلت قناديل الفضائل، وعمت الوطن صيحات ـ الله أكبر ـ فرحاً بالعفو، كما عمتها حُزنا شديداً على مقتل ـ حنين ـ وتكرّم الجمهور من ولي الدم الذي فاز بمراتب أعقل الناس، وطال كرمه بنات ـ هرهرة ـ الذي انقاد للحكم وسلم رقبته في موقف جد صعب. لكن تتقدم النفوس الكبيرة وتكرم الساعين للعفو ، فتعتق ـ ليس هرهرة، فحسب بل ألكل ـ وهنا وحدها النفوس التي تعيش الحدث إلى آخر لحظة، فكانت المروءة، تتجسد في أرق قلوباً، فتمطر الحب الذي عمّ الوطن!

مبارك للرأي العام العفو، وتحية خاصة إلى ((للبكري))!!!