هويرب.. حيث التاريخ يجمع الحاضر والمستقبل في عرس رياضي فريد

في قلب الصبيحة، حيث تمتزج الجغرافيا بالهوية، والتاريخ بالمستقبل، ترتفع راية "هويرب" شامخة، تحكي قصة أرضٍ جمعت بين أروقتها مختلف أبناء المنطقة، من السهول والوديان، من الجبال والساحل، من الرعاة وحاصدي الحقول، ومن أولئك الذين تحدّوا الأمواج على ظهور الزوارق؛ هنا، في هذه البقعة الطيبة، وُلدت أحلام، وصُنعت شخصيات، وصُقلت عقول، حتى غدت هذه المدرسة العريقة مصنعًا للأطباء، والمحامين، والمهندسين، والإعلاميين، والأساتذة، والضباط الكبار.  

واليوم، تعود هويرب لتكون ملتقىً آخر، لكن هذه المرة ليس في أروقة العلم والفكر، بل في ساحة الرياضة، حيث تتوحد القلوب خلف الفرق المتنافسة، وتذوب الفوارق أمام حب اللعبة، في مشهد يعكس روح التلاحم بين أبناء الصبيحة، من تربهة إلى الشط والصريح.    

في ملعب هويرب الرياضي، حيث تُرسم البهجة على وجوه الجماهير، تستعد الفرق المتنافسة لخوض مباريات حماسية، تعكس الروح القتالية والموهبة الفذة التي يتمتع بها شباب هذه المنطقة العريقة، ها هم نجوم خرز هويرب ومدار خور العميرة الساحلي يقفون في مواجهة فرق الشط والصريح وتربهة، في لقاء لا تعنيه الألقاب بقدر ما يعنيه الشرف الرياضي، واللحظات التي توحد الجميع تحت راية التنافس الشريف.  

الجماهير التي زحفت من كل حدب وصوب، لم تأتِ فقط لمشاهدة مباراة كرة قدم، بل جاءت لتشهد احتفالًا عفويًا بالهوية والانتماء، حيث يتردد صدى الهتافات في الأرجاء، وتتعانق الألوان بين المشجعين، في مشهدٍ يُعيد إلى الأذهان تلك اللحظات التي كانت فيها هويرب حاضنةً للجميع، لا فرق بين ابن الساحل وابن الجبل، بين الفلاح والصياد، فالجميع هنا أبناء هذه الأرض، يتوارثون العزيمة كما يتوارثون الأرض والبحر.  

إن ما يحدث اليوم في هويرب ليس مجرد لقاء رياضي، بل هو تجسيد لمعنى الرياضة كأداة للوحدة والتقارب، فما أجمل أن يجتمع أبناء المضاربة والصبيحة على بساطٍ أخضر، يركضون خلف الكرة، ويتحدون الزمن ليؤكدوا أن الرياضة ليست مجرد لعبة، بل ثقافة وتاريخ، وأداة لصناعة مستقبل قائم على التنافس الشريف والروح الرياضية العالية.  
 
كما احتضنت هويرب يومًا ما طلاب العلم، لتصنع منهم رجالًا حملوا راية النجاح في شتى المجالات، فإنها اليوم تحتضن شباب الرياضة، الذين يملكون ذات الطموح والإصرار على المضي قدمًا نحو مستقبل أكثر إشراقًا. فهنا، في هذه الأرض الطيبة، تُزرع القيم، وتُصنع الأحلام، ويُعاد رسم ملامح الغد، حيث يبقى اسم هويرب شاهدًا على عراقة الماضي، وحاضرًا في صناعة المستقبل.  

هويرب ،فكما أنجبت هذه الأرض أطباء وأعلاميين ومهندسين وضباطًا، فإنها اليوم تُنجب أبطالًا رياضيين يحملون راية التميز والنجاح، يركضون في الملاعب كما ركض آباؤهم في حقول المعرفة والعمل، ليؤكدوا أن الصبيحة كانت وستظل منبعًا للعطاء، ومدرسةً للأجيال، وملعبًا للتميز والريادة.