التلوث الضوئي يتفاقم..لماذا تدعو حركة عالمية إلى جعل السماء مظلمة

أبين الآن. متابعات
(CNN)-- عندما أدّت سلسلة من ضربات البرق إلى انقطاع التيار الكهربائي في مدينة نيويورك الأمريكية بتاريخ 13 يوليو/تموز من عام 1977، غمر الظلام الشوارع، والمنازل، وناطحات السحاب.
للمرة الأولى منذ عقود، أصبح من الممكن رؤية مجرة درب التبانة وهي تتلألأ عبر السماء السوداء بآلاف من النجوم الساطعة.
وقال عالم الأرصاد الجوية الذي عاش في مدينة نيويورك آنذاك جو راو: "لقد رأيت سماءً (مرصعة بالنجوم) من موقعي في برونكس، وذلك أمرٌ ما لم أره من قبل، ولن أراه مرة أخرى".
مجرة درب التبانة فوق حديقة "جراند كانيون" الوطنية في أمريكا.Credit: Royce Bair.
يُعد الضوء المنبعث من البلدات والمدن بسبب مصادر الضوء الاصطناعية ساطعًا للغاية لدرجة أنّه يحجب النجوم.
واليوم، لا يستطيع ثلث عدد البشر، بما في ذلك 80% من سكان أمريكا الشمالية، رؤية مجرة درب التبانة.
بالنسبة لعدد متزايد من الأشخاص، أصبح الظلام الطبيعي بمثابة أمر مفقود.
فقدان الظلام
لا يستطيع سوى 20% من الأشخاص في أمريكا الشمالية رؤية مجرة درب التبانة.Credit: Royce L. Bair/DarkSky International
يتزايد التلوث الضوئي في جميع أنحاء العالم، وهذا هو المصطلح المستخدم لوصف سطوع ضوء السماء ليلاً بسبب الأضواء الاصطناعية.
في المتوسط، يزداد سطوع ضوء السماء بنسبة 10% سنويًا على مستوى العالم، حيث تعاني العديد من الكائنات الحية من العواقب الناجمة عن ذلك.
في كل عام، يُقتَل ما يصل إلى مليار طائر في الولايات المتحدة بسبب الاصطدام بالمباني، وهذه أزمة عالمية تتفاقم بسبب الأضواء الساطعة التي تجذبها بعيدًا عن مسارات هجرتها ليلاً.
يمكن للأضواء الاصطناعية التأثير سلبًا على العديد من الحيوانات، ومنها السلاحف.Credit: Mitch Lensink
كما يمكن للإضاءة الاصطناعية أن تضلّل الحشرات، وتؤثر على نمو أوراق الأشجار.
وجدت دراسة أُجريت في عام 2017 أنّ تلوث الضوء يشكل تهديدًا يطال 30% من الفقاريات، وأكثر من 60% من اللافقاريات الليلية.
ويمكن لهذا النوع من التلوث أن يضلل السلاحف البحرية المعشّشة، والتي تعتمد على انعكاس الضوء الصادر عن الأجرام السماوية على الماء لتوجيهها إلى المحيط، بسبب الأضواء الاصطناعية حول الشواطئ.
ويؤدي ذلك إلى إصابتها بالجفاف بشكلٍ مميت، أو تعرضها للافتراس.
يؤثر التلوث على البشر أيضًا، حيث أنّ الآثار الصحية للضوء الاصطناعي لا تزال قيد الدراسة، لكن ربطت الأبحاث تلوث الضوء بالسمنة، والاكتئاب، واضطرابات النوم، والسكري، والسرطان.
بصيص من الأمل
بعكس القضايا البيئية الأخرى، مثل تغير المناخ، وإزالة الغابات، يمكن الحد من مشكلة تلوث الضوء بين عشية وضحاها عبر إطفاء الأضواء بكل بساطة.
في عام 2020، أطفأت بلدة كريستون الصغيرة في ولاية كولورادو بأمريكا أضواء الشوارع عندما لم تستطع دفع كلفة فاتورة الكهرباء.
وكانت الشوارع مظلمة ليلاً، لكن سطعت السماء بضوء النجوم.
يقول الخبراء إنّ حلول مشكلة التلوث الضوئي يمكن أن تكون بسيطة. وفي هذه الصورة، لا تتسرب أضواء الشوارع في مدينة توسان بولاية أريزونا الأمريكية إلى السماء. ويحافظ ذلك على الظلام الطبيعي.Credit: Bettymaya Foott
وسرعان ما أصبحت كريستون واحدة من بين عددٍ متزايد من البلدات حول العالم التي اعتُرِف بها رسميًا كجزء من "مجتمع السماء المظلمة" من قِبَل منظمة "DarkSky International" التي تكافح التلوث الضوئي.
قال الرئيس التنفيذي لمنظمة " DarkSky International" رسكين هارتلي. إنه ليس من الضروري أن تكون الجهود المبذولة لمعالجة التلوث الضوئي ضخمة لكي تُحدث فرقًا كبيرًا، موضحًا: "الحلول بسيطة، ولا تنطوي على التخلي عن أي شيء باستثناء الإضاءة رديئة الجودة".
تتّبع بعض المجتمعات توصيات المنظمة من خلال إعادة النظر في تركيبات الإضاءة الخاصة بها للحد من تلوث الضوء، أو عبر إطفاء المزيد من الأضواء ببساطة.
وعملت المنظمة مع مجتمعات ومحميات طبيعية في 22 دولة لتقديم الدعم ومنح الاعتماد الرسمي للمناطق التي طبّقت تغييرات إيجابية.
وتم اعتماد 300 منطقة تقريبًا حتّى الآن، حيث يمكن أن تستفيد البلدان من المزايا الاقتصادية المحتملة لتلك الخطوات أيضًا.
وفقًا للتقرير الأوروبي للسياسات، تستهلك الإضاءة الداخلية والخارجية التي تعمل بالكهرباء ما بين 17% و20% من إنتاج الكهرباء على مستوى العالم.ذلك، يعني تقليل الاستخدام انخفاض الكلفة.