خواطر سردية من وحي زيارتي السعودية
بقلم _منصور بلعيدي_
مؤخراً، قمت بزيارة المملكة العربية السعودية بغرض العمرة. وبعد تأدية مناسك العمرة، تفرغت لشؤوني الخاصة، وخلال تجوالي في شوارع مكة وأسواقها لأكثر من أسبوعين، لفت نظري أشياء كثيرة في السعودية.
أهم ما لفت انتباهي هو التطور الهائل في العمران والطرقات والجسور والنظام العام، الذي يشعرك أنك في دولة بكل ما تعنيه الكلمة. وأنا أنظر إلى هذا التطور اللافت، أصبت بوخز مؤلم في القلب حزناً على حال بلادي، اليمن التي كانت سعيدة فأصبحت حزينة، لابسة ثوب الحزن مثل اليتيمة التي يموت أهلها كما قال شاعرنا الفقيد السعيدي. ويتضاعف الألم حين تعلم أن واقع اليمن المزري سببه هؤلاء الذين يتنعمون بكل وسائل الراحة على حساب شعوب أُهلكت بسياساتهم العقيمة.
*ما علينا...*
فلننظر بإيجابية لنرى بعض مميزات المملكة ومنها:
التعاملات اليومية في المطاعم أو المشارب أو الأسواق لها طابع آخر أكثر تقدماً تكنولوجياً. مثلاً، يمكنك أن تأخذ حاجتك من المطعم وتدفع عبر التطبيق ببطاقة ائتمانية.
المأكولات نظيفة في أماكن نظيفة. حتى الدجاج، ربع دجاجة مع رز تكفي نفرين للغذاء، وتجد الشحم يقطر منها. بينما عندنا الدجاج هزيل مثل هزال المواطن الغلبان.
محلاتهم التجارية لا تفتح إلا ليلاً غالباً، وقليل منها يفتح صباحاً. لا أدري، أهو كسل أم بذخ. الحركة التجارية نشطة جداً، وحركة التسوق السعودي مهولة، ربما بسبب العمرة والحج.
النظام العام لديهم تحول إلى ثقافة مجتمعية (بالصميل أو بالرضا). تجد الناس والسيارات تسير بانسيابية تامة، كل يعرف طريقه، ولا تجد صاحب سيارة يسير بها في شارع معاكس أبداً، حتى لو كان شارعاً خلفياً.
*الثقافة القهرية!!*
أكثر ما ساءني أنني مكثت أكثر من أسبوعين وما زلت مشحوناً بثقافة السير العشوائية في اليمن. إذا أردت قطع الشارع، التفت يميناً وشمالاً كي أقطع الطريق، مستجر بواقعنا في اليمن الذي لا ضابط فيه لاتجاه حركة السير. ولم أنتبه أنني في مكة التي لا تدخلها العشوائية.
نحن في اليمن نفتقد لتحديد الاتجاه، وحين نهم بقطع الطريق إلى الضفة الأخرى علينا أن نلتفت يميناً ويساراً حتى نتفادى السيارات أو الدراجات المزعجة القادمة من الاتجاهين في عشوائية مفرطة، لا أظنها توجد إلا في اليمن، وفي زنجبار بشكل أوضح. ما رأي مدير عام زنجبار
*المظاهر المفقودة.!!*
أكثر المظاهر التي افتقدتها في السعودية هي الأطقم العسكرية ولعلعة الرصاص ليلاً ونهاراً، والمسلحين الذين يتمخطرون بسلاحهم في الشوارع كأنهم دوريات راجلة. ناهيك عن المضاربات في الأسواق، خاصة في رمضان، كل هذا في اليمن. هل يعقل هذا؟
والمضحك لدرجة الاستغراب، أنك تجد في اليمن شاباً ملابسه بسيطة جداً، شكله (معتر)، ويسير حافي القدمين ويحمل سلاحاً آلياً قيمته مليون ونصف المليون...!!
ارحم قدميك واشتر لهما فردتي حذاء لتحميهما من الأشواك والحصى.
*المآخذ:*
في السعودية، تفتقد لشخصيتك في مواجهة الجلافة والغلظة، وخصوصاً التعالي الغالب في السلوك الاجتماعي السعودي. لدرجة أنه يخيل إليك أنك دخلت على مضارب قبائل قريش في عصر الجاهلية وليس عصر الحضارة والتمدن.
هذا شعور نفسي أحسست به في مكة. قد يصور الواقع بلا رتوش، وقد يكون ردة فعل بسبب تعاملات معينة.
*الاسعار: بين المملكة واليمن.*
الأسعار في المملكة غالية جداً بالمقارنة مع عملتنا الرخيصة. مثلاً: تجد سعر طبق البيض 17 ريالاً سعودياً ، بما يعادل 10 آلاف ريال يمني او يزيد، بينما في اليمن يكون سعر طبق البيض 6 آلاف ريال فقط.
*البقية تتبع...*