مشروع مياه الشيخ زايد في تعز.. بين الحاجة الإنسانية والصراع السياسي

في ظل أزمة المياه الخانقة التي تعصف بمدينة تعز المحاصرة، تطرق العميد طارق محمد عبد الله صالح نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي- قائد المقاومة الوطنية ورئيس مكتبها السياسي خلال لقائه بعدد من مشايخ وأعيان عزلتي "الجمعة" و"الزهاري" في مديرية المخا إلى الوضع الإنساني لسكان مدينة تعز، لاسيما شح المياه الذي يثقل كاهل المواطنين، ويزيد من معاناتهم اليومية. وأكد العميد أنه سعى إلى تخفيف هذه المعاناة عبر مشروع "مياه الشيخ زايد" الذي وُضع له حجر الأساس وبدأ العمل فيه بالفعل، قبل أن تعترضه عراقيل غامضة حالت دون استكماله.

وقد أثار توقف المشروع تساؤلات عديدة حول الجهة المسؤولة عن العرقلة، حيث عبّر العميد طارق صالح عن استغرابه من هذه العراقيل، مشيراً إلى عدم وضوح إن كانت هذه العوائق ناتجة عن اعتراضات من الأهالي أم نتيجة تدخلات سياسية وحزبية.

وفي هذا السياق، من المهم التأكيد على أن المؤشرات والدلائل تؤكد أن العراقيل التي واجهت مشروع "مياه الشيخ زايد" لم تكن شعبية الطابع، إذ لو كان هناك رفض من قبل الأهالي لكان المشروع قد أُوقف في مراحله الأولى. غير أن ما حدث هو أن العمل فيه وصل إلى مراحل متقدمة، وحقق صدىً إيجابياً واسعاً، خاصة أنه جاء في توقيت حرج يتزامن مع بلوغ أزمة المياه ذروتها داخل المدينة، وفي تلك المرحلة ظهرت العراقيل أمامه وبشكل مفاجئ.

وفي هذا الصدد يرى مراقبون أن بعض القوى الحزبية التي ترى في نجاح المشروع نجاحاً للمقاومة الوطنية وللعميد طارق صالح تحديداً، لجأت إلى تعطيل المشروع لأسباب سياسية بحتة، مفضّلة استمرار معاناة السكان على أن يُحسب هذا الإنجاز لجهة لا تنتمي إليها سياسياً. وهذا السلوك يُعد مؤسفاً، بل وخطيراً، كونه يعكس إلى أي مدى يمكن أن تطغى الحسابات الضيقة على المصلحة العامة والحق الإنساني في الماء.

إن مشروع مياه الشيخ زايد لا ينبغي أن يكون ساحة للصراع السياسي، بل واجباً إنسانياً وأولوية قصوى لسكان مدينة تعز المحاصرة. وعلى جميع الأطراف المعنية، من سلطة محلية، ومؤسسات خدمية، ومكونات سياسية، أن ترفع يدها عن المشاريع الحيوية التي تمس حياة المواطنين، وأن تدعم استكمال هذا المشروع وغيره من المشاريع الخدمية.

لقد أثبتت تجربة تعز خلال سنوات الحصار والمعاناة أن المواطن وحده هو من يدفع الثمن، وأن تسييس الخدمات لا يؤدي إلا إلى مزيد من الأزمات. وعليه، فإن الرسالة الواضحة هي: كفى عبثاً، ودعوا الماء يصل إلى الناس، فهو أبسط حقوقهم، وليس ورقة ضغط في صراع لا يرحم.