خطوة نحو تحقيق أشياء أعظم مماكنا نحلم.

بقلم: موسى المليكي.

حقيقةً ندركها تمامًا، ولكن قد ننسى أن كل ما فقدناه هو لحكمه أو كان جزءًا من خطة أكبر لم تُكتب لنا إلا لتُسهم في نضوجنا وتطورنا. ربما في لحظة الفقد أو المنع أو الحرمان شعرنا بالحزن، وكأننا فقدنا جزءًا مهمًا من أنفسنا، لكن في الحقيقة، ما فقدناه لم يكن إلا قيدًا كان يعيقنا عن الانطلاق إلى آفاق أوسع. الله ما يمنع أو يبعد عنّا شيئًا إلا لحكمة ربانية عظيمة. فكما قال الله تعالى: "وَعَسَىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" (سورة البقرة، الآية 216). ظنوا بالله خيرًا، فرب الخير لا يأتي إلا بالخير.

كل شيء في الحياة يحدث لسبب ما، حتى تلك اللحظات التي نعتقد فيها أنها ظلم أو فقدان أو خذلان أو حرمان. فالحياة تُختبر في قدرتنا على التكيف مع التغيير، وعلى إيجاد القوة في وسط الألم. وما ظننا أنه خسارة قد يكون بداية لفرصة أفضل، طريقًا أكثر إشراقًا، أو خطوة نحو تحقيق أشياء أعظم مما كنا نحلم.
تذكروا دائمًا: في كل تجربة مؤلمة هناك درس وربما دروس تنتظر أن تكتشفوها. في كل ألم تكمن القوة التي ستجعلكم تكتشفون قدراتكم التي لم تكونوا تعلمون أنها موجودة فيكم.

ولا تنسوا أن تلك الصرامة التي مررنا بها من أسرتنا أو معلمينا لم تكن إلا لمصلحتنا. فكم من أشياء ظننا أنها شر لنا كانت في الحقيقة خيرًا عظيمًا لنا. في كل مرحلة من حياتنا، قد نمر بتجارب نظنها صعبة، ولكنها تحمل في طياتها الحكمة التي ستجعلنا أشخاصًا أقوى وأفضل.
لا تدعوا الفقد أو الحرمان أو الخذلان يثنيكم عن المضي قدمًا، بل استمدوا منه الحكمة والطاقة لتكونوا أكثر قدرة على مواجهة الحياة بكل تحدياتها. أنتم، بطبيعتكم، أقوى مما تظنون، والله معكم في كل خطوة تخطونها. ولكن وإياكم أن تسيئوا الظن بخالقكم، فهو أرحم بكم من الأم بأبنها، وأرحم بكم من أنفسكم ومن جميع البشر. فلا تسيئوا الظن بالله، فهو القائل عن نفسه: "أنا عند ظن عبدي بي." عندما تكونون في أشد لحظات ضعفكم، تذكروا أن الله أرحم بكم من أن يترككم، وأنه يقدر لكم الأفضل حتى وإن بدا لكم خلاف ذلك.

الله هو الذي يدبر لنا أمورنا بحكمة يعلمها هو وحده، ونحن قد لا ندركها الآن. فكلما ظننا أن الحياة قاسية أو مليئة بالخذلان أو الحرمان أو التمنع، تذكروا أن الله لا يبتلينا إلا ليُخرج منا أفضل ما فينا، ليعلمنا الصبر، ويقوي قلوبنا، ويمنحنا الرؤية الأوسع لما هو خير لنا. فثقوا بأن الله يراكم ويعلم ما في قلوبكم، وأنه لن يترككم أبدًا، بل سيظل يرشدكم ويعطيكم ما هو خير لكم في الوقت الذي يعلمه هو.
فلا تدعوا الشكوك تتسلل إلى قلوبكم، بل تمسكوا بحبل الأمل، واعلموا أن الله لا يقدر لنا إلا الخير، حتى وإن بدا لكم خلاف ذلك. اطمأنوا وأحسنوا الظن دائمًا بكل شيء.