سنان بن نعم.. رحيل الكبار

عرفته ذا صوت جهوري قوي، وصاحب خامة صوتية تجبرك على الإنصات لها دون أن تنبس ببنت شفة.

يحاورك بحرفية الإذاعي الماهر، وبأسلوب الصحفي الفطن.

يبحر بك في عالم البرامج التي يعدها، ويغوص بك بين ثناياها دون أن يتلعثم أو يكل أو يمل.

يدير برامجه بكل ثقة واقتدار ومهنية وذكاء كبيرين.

سنان بن نعم، الإذاعي الأبيني الذي يعرفه القاصي والداني في ربوع اليمن.

كانت محطاته الإذاعية تتمحور حول أبين وما تعانيه في كافة المحاور السياسية والاقتصادية والمعيشية.

كان من أبين وفيها، لم يتجرد يومًا من أبينيته الأصيلة، ولم ينسلخ من هويته اليمنية، ولم يبع إرثه الصحفي بحفنة من المال.

كانت لي معه صولات وجولات وحلقات متعددة في برامجه التي لا تخلو من الفائدة والمعلومة، مع حرصه على أن تعود بالنفع مهنيًا وعلميًا وصحفيًا على الإنسان الأبيني.

يحاورك دون أن يشعرك أنك أقل منه علمًا أو مكانة أو قدرة، رغم فارق السن والمعرفة والمهنية، ويشعرك بالأمان وأنت تحاوره حتى تأخذ راحتك في سرد ما تحمله في جعبتك.

اليوم، وبعد مرض عضال ألمّ به، يرحل أستاذنا سنان بن نعم بصمت، ومدوٍّ في ذات الوقت، صمت المرض الذي لم يحرك في دولتنا ساكنًا، ورحيل الشرفاء الذين يرحلون بهدوء، ولا نعلم عنهم إلا من خلال التعازي والمواساة التي لا تجدي نفعًا.

سينعيه الناعون، وسيتحدث عن صفاته المتشدقون، وسينبري الكثيرون لإبراز صورهم معه بعد أن أصبح جثة هامدة، في حين تركوه وهو ينازع لحظات الوجع.

نم قرير العين، أستاذي، فهكذا هم العظماء والشرفاء، يرحلون بصمت ودون ضجيج، ولكنهم خالدون في دواخل من يحبهم.