الوطن العربي بين مشروعي الولاية والخلافة ..!!
في عام 2010م أقام مركز منارات للدراسات في العاصمة صنعاء ندوة حول مشروع إقامة اتحاد عربي على غرار الاتحاد الأوروبي وفقا للدعوة التي دعا لها الرئيس الراحل علي عبد الله صالح في القمة العربية التي عقدت في مدينة سرت الليبية في الفترة من 27 إلى 28 مارس 2010م
وكان لي مداخلة حينها قلت فيها أوروبا كان لديها مشروع يتفق عليه كل الأوروبيين ولكي ينجح هذا المشروع تطلب الأمر إنشاء الاتحاد الأوروبي بصيغة الحالية ، لكننا في الوطن العربي لا نمتلك مشروع عربي يتفق عليه كل العرب حتى يكون هناك صيغة مناسبة لإنجاحه إما باتحاد عربي كما هو الاتحاد الأوروبي أو بإحداث تعديل في الية عمل الجامعة العربية حتى تكون قادرة على إنجاحه .
وقلت يومها أن الوطن العربي في السنوات القادمة سيكون مكان يتنافس عليه المشروع الفارسي ( الولاية ) والتركي ( الخلافة ) وهذا ماحدث ويحدث حتى الآن .
يومها كان العراق يقع تحت هيمنت مشروع الولاية منذ عام 2003م ذلك المشروع الذي بدأ في عام 1978 وبدأت ملامحه ظاهرة في كل من لبنان واليمن وسوريا وأدوات تنفيذه هي حركات الإسلام السياسي الشيعي ، أما المشروع التركي ( الخلافة ) ففد ظهر بشكل واضح بعد تولي حزب العدالة والتنمية السلطة في تركيا عام 2002م مع انه بدأ في عام 1972 على يد نجم الدين أربكان وأدواته تنفيذه هي حركات الإسلام السياسي السنية .
كلا المشروعين ينفذان تحت رعاية أمريكا التي تحرك هذا الصراع والذي يهدف الى تقسيم الوطن العربي طائفيا فقد كان الهدف الرئيسي من غزو العراق هو فتح الباب لمشروع الولاية للدخول بقوة الى المنطقة العربية حيث تم تسليم العراق بكل امكانياته على طبق من ذهب لإيران خدمة لهذا المشروع ، وبعدها في عام 2004 م أعلنت امريكا بداية مشروع الفوضى الخلاقة لإقامة الشرق الأوسط الجديد وفي عام 2005م خرج كتاب القوة الناعمة ( التغيير من الداخل) لمؤلفه جوزيف ناي الذي كان مساعدا لوزير الدفاع في حكومة كلينتون ورئيس مجلس المخابرات الوطني ليقول بكل وضوح مشروعنا القادم في الشرق الأوسط هو صراع سني شيعي وهذا مايجري في الوطن من بعد ماعرف بثوراة الربيع العربي وحتى الآن .
الآن بعد اربعة عشر عاما كيف تبدو خاريطة المشروعين في الوطن العربي ؟
مشروع ( الخلافة ) تمكن من مد نفوه في ليبيا وفشل في كل من تونس ومصر كما تمكن من مد نفوذه في الصومال على يد حركة الشباب المؤمن وتمكن أخيرا من تحقيق انتصار كبير في سوريا على مشروع الولاية ، لكن لايمكننا أن نقول انه حسم الأمر لصالحه لأن هناك لاعب ثالث دخل في صراع في سوريا وهو الكيان الصهيوني الذي يعتبر أكبر مستفيد من تحول المنطقة العربية إلى ساحة صراع بين المشروعين لتحقيق مشروعه الشرق الأوسط الجديد وفي اعتقادي أن تركيا قاب قوسين من الدخول في صراع مع الكيان الصهيوني في سوريا أو تقاسم هذه الغيمة معا بشكل سلمي.
لا تزال اليمن والعراق ولبنان ساحة صراع بين مشروعي الولاية والخلافة وما زال الصراع بينهما كامن في دول مجلس التعاون الخليجي وواضح أن مشروع الولاية في الطريق الى تلاشي نفوذه في كل من لبنان واليمن واعتقد أن العراق ستكون ساحة الصراع الاشد عنفا بين المشروعين كما كان بين الدولة العثمانية والحركة الصفوية منذ عام 1515 وحتى عام 1823م والذي كان ورائه تحالف الغرب بقيادة الدنمارك مع الحركة الصفوية لايقاف التوسع العثماني داخل أوروبا .
السؤال هنا هل حان الوقت لظهور مشروع عربي يوقف زحف مشروعي الولاية والخلافة ؟
لا يمكن ايقاف مشروعي الولاية والخلافة إلا بظهور مشروع عربي يواجه المشروعين وفي اعتقادي ان الشعب العربي أصبح مهيأ للالتفاف حول المشروع القومي العربي الذي أجهض بعد رحيل الرئيس جمال عبد الناصر الذي دفع حياته ثمنا لذلك المشروع لكنه لايزال كامن الآن بعد أن تعرت حركات الإسلام السياسي التي لا انتماء لها للشعب العربي والتي رفعت شعار الإسلام هو الحل وكان هذا الشعار هو مضاد للقومية العربية والذي ثبت على أرض الواقع أنه شعار خال من أي مشروع بناء للامة العربية وظهر بأنه مشروع هدم يخدم اعداء الوطن العربي .
في اعتقادي أن مصر الآن أصبحت مهيأة لاستعادة دورها لقيادة الوطن العربي وقيادة المشروع القومي العربي - فلا يمكنها أن تواجه مشروع الخلافة الذي أجهضه الجيش المصري في عام 2012م والذي لايزال يعمل بكل قوة لمد نفوذه إلى مصر ويحاصرها من الغرب وبعد ان تعرض أمنها للخطر من مشروع الولاية في اليمن خلال عام 2024م - مالم يكون عمقها العربي إلى جانبها فأمن مصر مرتبط بالأمن القومي العربي ، والأمن القومي العربي تعتبر مصر هي القادرة على قيادته.