الدراما المحلية.. حضور المكوّن وغياب الواقع المعاش

الدراما هي أحدى أبرز الوسائل الفنية التي تعكس الواقع الاجتماعي والسياسي في أي مجتمع ما في العالم، فتقوم بعرضه بقالب كوميدي أو تراجيدي أو بأي شكل كان طالما سيؤدي الرسالة المرجوة منه،

 إلا أنه ومن خلال المتابعة لبعض هذه الأعمال اليمنية التي تعرضها القنوات اليمنية لهذا العام ترى كمية الترويج للأحزاب أو للجماعات والافراد وأبرزت مناقبهم مرة تلميحا ومرة تصريحا، بعيدة كل البعد عن الموضوعية والحيادية في طرح قضايا الإنسان اليمني وتراكمات الأزمات التي أثقلت كاهله في العشر السنوات الماضية مثل قضايا النزوح وتدهور الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية... إلخ.

كما قلت أثرت الأيديولوجية الحزبية بشكل واضح على "بعض" الأعمال الفنية الدرامية وباتت واضحة للعيان بشكل مباشر، فعمدت على طرح قضايا مجتمعية على أساس الإنتماء الحزبي، وأحياناً يتم تصوير بعض الفئات أو الأحداث بطريقة تركز على تقديم صورة مثالية لفكر سياسي أو إيديولوجي معين.

لقد تبارى بعضا من الكتاب والروائيين للأسف لتسخير نتاج عملهم لسرد حياة جهة معينة طمعا في كسب المال "السريع" فعمدوا على تلميعهم واظهارهم في أبهى حلة مغيبين ما يمر به الإنسان اليمني من جملة من القضايا.
حقيقية وأنا اشاهد ما يعرض اتيقن بأنني أشاهد صراع فكري وعراك سياسي بقالب درامي أقرب منه للتشويش للمنطق.

أما من جهة أخرى وعلى هامش الموضوع أقول أن "بعض" الأعمال الدرامية لم تكن خادمة للمواطن لافي الشمال ولا في الجنوب، فقط تغطية فراغ وحشو وبرامج مستنسخة أما بالية وقديمة وأما مكررة ومهترئة.
قبل عقد من الزمان كنا  نشاهد دراما خفيفة جدا تحمل في طياتها رسائل مجتمعية هادفة على الرغم من بساطتها وقلة دعمها وقلة تكلفتها إلا أنها اظهرت فحواها، ليبقى التساؤل الآن متى سنحضر دراما محلية شفافة لاتدعوا الى الشحن وإبراز التشظي،  مستقلة متحررة من اصفاد التحزب والجماعات؟!.
ليبقى الأمل قائماً في أن تتطور هذه الصناعة بشكل يتجاوز الأيديولوجيات الحزبية الضيقة، ويعكس صورة حقيقية وشاملة للإنسان اليمني بمختلف خلفياته الثقافية والسياسية في القادم، فالدراما لا ينبغي أن تكون أداة لتوجيه الرأي العام نحو أفكار سياسية أو حزبية، بل يجب أن تكون مرآة تعكس واقع الإنسان بكل ما فيه من آلام وآمال، لتكون قادرة على التواصل مع الجميع دون استثناء.