جمال العاقل ذكريات محافظ مع أقصر فترة

جمال العاقل ذكريات محافظ مع أقصر فترة

أبين الآن: كتب: أحمد مهدي سالم 

في لحظات تنثال الذكريات على شاشة الذهن الذي تشكل وتعرض الصور أمامك، وفيها ما يستحق أن تتركه، وتدعه جانبًا، وفيها ما هو صالح لأن تشير إليه عن شخصيات.. عن أناس مروا من هنا، وتركوا أثرًا ما، وهم كثيرون، وأتوقف عند واحد محاولًا اعتصار الذاكرة لتذكر وتسجل وتعرض..
الأخ المناضل جمال ناصر العاقل محافظ أبين الأسبق الذي يذكره كثيرون بود واحترام انطلاقًا من حساسية المرحلة، وخطورتها وقتها، و ما بذله من جهود..كانت القاعدة والعناصر المتطرفة على درجة من القوة والتأثير وإزعاج وتهديد السلطات..وضع مزرٍ كانت تعيشه أبين.. كان الأخ جمال العاقل أول ما تم تعيينه محافظًا لأبين في بداية  2012 لم يذهب إلى مكتبه في زنجبار، ويباشر العمل كما كان يفعل المحافظون السابقون بل توجه إلى مديرية لودر التي كانت القاعدة تعمل فيها عمايل، ومن هناك قاد عمليات مواجهتها بصلابة وشجاعة فائقة حتى تكثفت وتلاحمت الجهود، وتمكنت من طردها، وبعد تمهيد الملعب تحرك جمال إلى زنجبار تسبقه سمعة قوية، طيبة.. أخبار المواجهات كانت تتوالى.. 
في تلك الفترة كان كل مدراء العموم تقريبًا قد غادروا زنجبار إلى عدن واستقروا هناك مع عائلاتهم، وعندما تلزمهم أعمال يتحركون إلى زنجبار، والظهر يعودون بسرعة لدواعٍ أمنية..
كان كثير من الناس تدور في أذهانهم.. كيف يمكن أن يعمل هذا المحافظ وسط المخاطر المحيطة، وكيف أنه ربما غامر بنفسه بقبوله التكليف..وكان يتوقع أن حاله سيكون مثل وضع مدراء العموم الذي يمموا شطر عدن وسكنوا فيها، واستبعدوا أن يبقى في زنجبار، ويسكن فيها نظرًا لخطورة الأوضاع الأمنية التي كانت منفلتة.
صدم التوقعات بمباشرته الأعمال بهمة عالية، وبقائه في زنجبار.. مكث في مبنى في كورنيش الشيخ عبدالله على ساحل أبين، وكان يباشر العمل في مكتبه بالمكان ذاته بسبب الدمار وتردي الوضع الأمني، وصارت الحركة للناس والمتابعين مستمرة صوب قرية الشيخ عبدالله التي يقبع فيها مكتبه، وكمان سكنه، ويتسهل لهم الدخول لمتابعة قضاياهم، والتجاوب الطيب بل الفاعل من المحافظ.
بقاؤه في أبين زاد من تقدير الناس له، كون المحافظ الذي سبقه د.الخضر السعيدي بقي في عدن، وكان يدير أبين من عدن. 
قام المحافظ جمال العاقل بتحريك نشاط المكاتب، وتفعيل الأداء الإداري من خلال تشديده على المسؤولين ومدراء العموم بالالتزام بالحضور من عدن و القيام بمهامهم المنوطة بهم، ووظف أعدادًا كثيرة من الشباب في مجالي التربية والعسكرة، وكان يكره العنصرية كثيرًا، ويساهم بفعالية في إصلاح ذات البين، وكذا كان شأنه ونشاطه الفاعل حينما كان وكيلًا لمحافظة حجة حيث حل أكثر قضايا الثأر، ولعل خبرته وتكوينه القبلي كأحد أبرز مشايخ أبين ساعدته، ولا تزال تساعده في تبريد نيران الخصام، وحل قضايا الثأر والأرض والمنازعات المختلفة.
الجميل فيه أنه يرى الجميع بعين واحدة، وحكيمًا وعادلًا، ومنصفًا.. وسريعًا في حسم أية قضايا وإشكالات تفرزها طبيعة الاحتكاكات وتفاعلات العمل والنشاط، وهذا يعني أو يوضح كرهه للبيروقراطية والتعقيد الإداري..كما تابع وحرك نشاط عدد من المشاريع.. سيما أن الوضع السياسي للبلد كان وقتها خطيرًا بل على كف عفريت..لاحظ تم تعيينه محافظًا لأبين في عام 2012 بعد حدث هام وخطير هو ما تسمى ثورة الشباب التي قلبت الأوضاع راسًا على عقب، ومهدت لبداية سقوط الدولة في براثن الفوضى، والحضن الحوثي، واستمر حتى مارس 2015،أي فترة سلطته كانت قصيرة جدًّا لكنها، على قصرها، حفلت بإيجابيات وإشراقات طيبة جعلت الناس تذكره بكل احترام وخير، كان ولا يزال، وهو خارج السلطة الرسمية يقوم بمهام كبيرة في رأب الصدع، وإصلاح ذات البين، وحل المشاكل والنزاعات القبلية.. فتحية تقدير وإعزاز له، ولكل كادر وطني، شريف يواصل بذل جهوده الجزيلة لخدمة مجتمعه سواء كان في السلطة أو خارجها.