من وحي الواقع اليمني.. اليمن بين بذخ العيش وبؤس الحياة

اليمن، الذي كان يوماً يُعرف بـ"اليمن السعيد"، بات يعيش اليوم واقعاً يمزقه التناقض بين رفاهية البعض وبؤس الأغلبية. 

في هذا البلد الممزق، هناك من يعيشون حياة الترف والبذخ، بينما يكافح الكثيرون للبقاء على قيد الحياة، وكأنهم يخوضون صراعاً يومياً مع الموت البطيء.

بلد منقسم بين حالين
في شوارع اليمن، تتجلى صور متناقضة تعكس انقساماً صارخاً بين من ينعمون بعيشٍ كريم ومن يعتبر بقاءهم على قيد الحياة معجزة. 
هناك من يعيشون في رفاهية تامة، لا يعكر صفو حياتهم سوى أخبار الحروب التي تصل إليهم من بعيد، وكأنهم في جزيرة معزولة داخل بلد منكوب. يعيش هؤلاء على حساب الوطن الجريح، مستثمرين في مآسيه لجني ملايين الدولارات. وفي المقابل، هناك من يعيشون على هامش الحياة، يكافحون من أجل أبسط حقوقهم: الماء، الطعام، أو جرعة دواء.

لماذا هذا التفاوت؟
هذا التناقض المروع يمكن تفسيره جزئياً بسبب الحرب والنزاعات العبثية التي فتحت الباب لتسلط عديمي الكفاءة والضمير على مواقع القرار. تلك الفوضى أتاحت فرصاً غير مسبوقة لأولئك الذين استغلوا ضعف النظام لاحتكار الموارد والعيش برفاهية. 
في المقابل، يُترك غالبية الشعب للمعاناة تحت وطأة أزمات اقتصادية خانقة، خدمات شبه معدومة، انهيار العملة، وانعدام الفرص.

إلى جانب ذلك، فإن السنوات الطويلة من التفاوت الاقتصادي والاجتماعي والسياسي عمّقت الفجوة بين الطبقات. فبينما تمكّن البعض من نهب الموارد لتحقيق حياة الثراء، أُنهكت الأغلبية بالجوع، الإذلال، والتجاذبات السياسية العقيمة التي زادت من معاناتهم.

الكفاح من أجل البقاء
في الماضي، كان الفقر يقتصر على المناطق النائية والقرى الريفية ، لكن اليوم أصبحت معاناة البقاء تشمل جميع أنحاء اليمن، شمالاً وجنوباً.

 العيش الكريم أصبح بعيد المنال بالنسبة للكثيرين، فيما تتركز الرفاهية والرفاه لأقلية صغيرة من الحكام وأصحاب النفوذ. يعيش هؤلاء حياة منفصلة تماماً عن واقع الأغلبية، حيث يقيمون في القصور، يسافرون في عطلات فاخرة، ويتلقى أبناؤهم التعليم في أفضل المدارس، بينما يعاني الشعب من الفقر المدقع وكأنهم يعيشون في عالَم آخر.

الخلاصة
اليمن اليوم يعاني من حالة انقسام مؤلم بين طبقة تكافح من أجل البقاء وأخرى تنعم بالبذخ. هذا الواقع المؤلم يعكس اختلالاً عميقاً في توزيع الموارد وسوء إدارة كارثي. الحل يبدأ باستعادة الدولة، والقضاء على الميليشيات، وبناء نظام عادل يضمن الحقوق الأساسية والحياة الكريمة للجميع دون استثناء.

الحياة الكريمة ليست امتيازاً لقلة قليلة، وإنما حق أصيل لكل فرد، منحها الله لعباده دون تمييز. لكن المتسلطين في هذا البلد يستبيحون هذا الحق بصفاقة لا نظير لها.
 لكن ....
 "وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" (يوسف: 21).