صائمون مع همومنا... رمضان اليمن بين الألم والأمل
في أرض اليمن، حيث التاريخ العريق والهوية الأصيلة، يحلّ شهر رمضان هذا العام كما في كل عام، محمّلاً بفيضٍ من الروحانيات، لكنه مثقلاً أيضًا بهموم لا تغادر حياة اليمنيين.
إنه رمضان يأتي ليجد اليمنيين صائمين ليس عن الطعام والشراب فحسب، بل عن الأمن، والراحة، والاستقرار، صائمين عن أبسط حقوق الحياة التي أرهقتها سنوات الحرب.
رمضان الألم... بين الجوع والحنين
يعيش الكثير من اليمنيين هذا الشهر الفضيل وهم يواجهون ظروفًا قاسية، من نقص الغذاء، وارتفاع الأسعار، وغياب الخدمات الأساسية.
الموائد التي كانت تمتد بألوان من الأطعمة، باتت اليوم تقتصر على ما تيسر من قوت يومهم.
أطفال ينظرون إلى أبسط الأطعمة كأمنيات، وأمهات يخفين دموعهن حتى لا يشعر أطفالهن بمرارة العجز.
وتزداد المعاناة حينما تتزين المدن بأصوات القصف بدل أصوات الأذان والتراويح، وتنتشر الظلمة في شوارع كانت يومًا ما تضج بالحياة.
إلا أن ما يؤلم أكثر هو فقد الأحبة، والحنين لرمضان كان يجمع العائلة حول سفرة واحدة.
رمضان الأمل... قلوبٌ لا تنكسر
ومع كل هذا الألم، لا يزال الأمل يعيش في قلوب اليمنيين، فالإيمان عميق، والدعاء لا ينقطع. في ليالي السحر، ترتفع الأيادي إلى السماء، تلهج بالدعاء أن يفرج الله كرب البلاد، ويزرع السلام من جديد.
رمضان في اليمن ليس مجرد صيام، بل هو صبر على المعاناة، وهو إصرار على البقاء رغم القسوة. تجدهم يتبادلون التمر والقهوة ببساطة، يشاركون ما لديهم من طعام في موائد رحمة تُقام في المساجد أو أمام منازلهم، رغم قلة الموارد. وفي كل بيت، هناك أم تدعو لأبنائها، وأب يُخبئ الألم خلف صمته، وشباب يزرعون الأمل في مبادرات تطوعية، يسعون فيها إلى تقديم المساعدة لمن هم أشد حاجة.
أمل لا يموت
إن رمضان في اليمن رسالة للعالم أن هذا الشعب رغم جراحه، لا يزال ينبض بالأمل. ففي كل وجبة إفطار بسيطة، وفي كل بسمة طفل، وفي كل دعوة صادقة، هناك يقين بأن الفجر سيأتي مهما طال ليل الظلم.
وفي ختام المقال، أقول:
رمضان اليمن هو قصة صبر لا تنتهي، وقصة أمل تُكتب في وجه المعاناة.
فسلامٌ على من صاموا مع همومهم، وسلامٌ على أرض لا تزال تحلم بغدٍ أفضل.