أزمة ضمير

بقلم : حسين السليماني الحنشي

في هذه الأيام، نشهد احتفالات متعددة بأعياد الثورة أو الثورات والحفلات الحزبية وغيرها، في بلادٍ يشكو أهلها ألم الجوع والحاجة. فكيف أُهدرت هذه المليارات من الأموال؟ وهناك من يئن ويصرخ من ألم الجوع والمرض! لا يستطيع الشعب اليوم أن يأكل وجبتين، وتجد ما يثبت أن الشعب يعيش الضنك عندما تنظر إلى الطوابير في كل مكان، حتى المستشفى الوحيد (مستشفى عدن) الذي أصبح قبلة للمرضى. شهور وهم ينتظرون ويحملون الألم، لا تتوافر لديهم الأموال الكافية للعلاج، ولا يستطيعون اللجوء إلى مستشفيات ومراكز طبية أخرى، لكن لا بد من الصبر حتى يأتي الدور. فهل أصبح عند من يقود البلاد ضمير؟ إنها حقًا أزمة ضمير.
إنها ظاهرة تثير القلق، حيث يبدو أن هناك انحرافًا عن القيم الأخلاقية والضمير الحي عند من يحكمون البلاد. فأصبح الطمع والجشع هو من له الأولوية، وهذا قد أدى إلى فقدان الضمير، وأصبح الانحراف واضحًا وضوح الشمس في رابعة النهار. وهذا لم يكن لولا غياب الرقابة (الدولة)، ولغياب الدولة تفشى الفساد في البلاد، وهو الذي ساعد على هذه الأزمة. وعند غياب المخلصين فيها، لا يبقى في الساحة سوى من غاب ضميره. فيظهر الظلم والانحراف الأخلاقي بين جيل جديد لا يهتم بقيام العدل والنظام العام في البلاد إلا ما يشبع هواه. فكانت طوابير للأسف الشديد من الشباب تذهب هدرًا دون القيام بخدمة البلاد، مما عكس نفسه في ظهور الخلافات الشخصية والمجتمعية التي ما أنزل الله بها من سلطان. فعوقبنا بسبب العادات والتقاليد السيئة التي ورثناها، في الجانبين السياسي والاجتماعي، وهذا ما أدى إلى إحلال الفوضى في البلاد وأضر بالاقتصاد الوطني، وبسببه توقفت التنمية.
ولأننا نعاني من أزمة ضمير، غابت فينا الشفافية والمساءلة من خلال الإصلاحات المؤسسية والقانونية؛ لأن الداعم لها من الضمير الحي غاب. واليوم نحن نواجه صعوبات لا نستطيع معها بناء وطن سليم ومعافى إلا إذا رجعنا إلى الحلول التي لا بد أن يشترك فيها صناع القرار من المنظمات الجماهيرية والحزبية التي تتحكم بالجمهور، بالإضافة إلى دور العبادة والإعلام. فأزمة الضمير هي قضية مجتمعية، تتطلب منا تفكيرًا عميقًا وحلولًا بناءة من المجتمع إلى جانب الدولة، وتعزيز الشفافية والمساءلة. يمكننا أن نساهم في بناء دولة ينشدها الجميع بأكثر حنكة، ويحق لنا الحديث عن الوطنية والوطن والدولة، ويجب على الرجال الذين هم أعمدة هذه البلاد أن يتصدوا لكل التفاهات الحاصلة اليوم وما نشاهده من خروج عن القانون والقيم.