الموقف تجاه نقض العدو الصهيوني الهدنة وتجدد اعتدائه على غزة
يواصل الاحتلال الصهيوني جرائمه الوحشية ضد الشعب الفلسطيني في غزة، مستهدفًا المدنيين الأبرياء، في ظل صمت دولي مخزٍ وعجز عن كبح جماح هذا العدوان. هذه الجرائم ليست مجرد انتهاكات عابرة؛ بل هي جزء من سياسات الاحتلال القائمة على التطهير العرقي والتدمير الممنهج، والتي تتكرر عبر التاريخ في نكث العهود والمواثيق، كما قال الله تعالى: ﴿أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [البقرة: 100]
وهذه الجرائم تمثل انتهاكا صارخا لكل القيم الدينية والإنسانية والقوانين الدولية؛ حيث أقدم الاحتلال على خرق اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم توقيعه برعاية مصر وقطر، وبضمانة الولايات المتحدة، فبينما التزمت المقاومة ببنود الاتفاق، تجاوز العدو أكثر من 1000 خرق، ما يثبت أن الضمانات الدولية لا تساوي شيئا أمام سياسة الاحتلال الغادرة.
رفض الاحتلال الصهيوني، وبدعم أمريكي، الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق التهدئة، وسعت الإدارة الأمريكية إلى الضغط على المقاومة عبر مبادرات تفتقد للإنصاف، حيث طلبت إطلاق أسير صهيوني أمريكي و4 جثامين، ورفضت ربط ذلك بالمرحلة الثانية من الاتفاق، ما كشف بوضوح نوايا العدو وأهدافه الاستراتيجية:
- سحب ورقة الأسرى من المقاومة أولا.
- الضغط عليها لاحقًا لنزع سلاحها بالكامل.
لكن المقاومة أدركت هذه المناورة، وقررت مواجهة هذه الاستراتيجية بكل حزم، مما أثبت صوابية موقفها وصلابتها في مواجهة الابتزاز الإسرائيلي الأمريكي.
ما يجري في غزة اليوم ليس مجرد عدوان؛ بل إبادة جماعية ممنهجة بغطاء أمريكي واضح، حيث نفذ ترامب وعوده بإشعال حرب صليبية ضد المسلمين، وهو ما يتجلى في تصريحاته وسياساته التي تهدف إلى القضاء على المقاومة أو تهجير سكان غزة بالكامل بعد فشل مخطط استقبالهم في الدول العربية.
فكيف يمكن لترامب أن يسعى لإنهاء الحرب بسرعة بين روسيا وأوكرانيا، بينما يشعلها جحيمًا في غزة؟
ولماذا يطالب المقاومة بإطلاق الأسرى دون قيد أو شرط بينما يتجاهل أكثر من 10 آلاف أسير فلسطيني في سجون الاحتلال؟
إن هذه الحرب تكشف الحقد الصليبي اليهودي المتجذر، والنفاق السياسي العالمي، حيث يتجاهل العالم مذبحة بشعة تحدث في شهر رمضان المبارك أمام أعين أكثر من ملياري مسلم!
إن ما يجري في غزة اليوم يستوجب على الأمة الإسلامية - شعوبا وحكومات - تحمل مسؤولياتها الدينية والأخلاقية في نصرة القضية الفلسطينية بكل الوسائل الممكنة، عبر:
- الدعم المادي والسياسي والإعلامي للمقاومة الفلسطينية
- الضغط على الحكومات لوقف جميع أشكال التطبيع والتعاون مع الاحتلال
- تصعيد الخطاب الرافض للعدوان من قبل العلماء والدعاة وأصحاب الرأي
- تعزيز الوعي بواجب المسلمين تجاه فلسطين والمسجد الأقصى
- استغلال شهر رمضان في الدعاء والدعم المادي والمعنوي لإخواننا في غزة
كما أن الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي مطالبتان باتخاذ خطوات عملية لدعم صمود الفلسطينيين، بدلا من الاكتفاء ببيانات الإدانة اللفظية.
إن نصرة الشعب الفلسطيني والمقاومة واجب شرعي لا يقبل التأجيل أو التهاون، ويستند إلى ثوابت شرعية راسخة، منها:
- دعم المقاومة هو جهاد مقدّس وذروة سنام الإسلام
- الولاء للمقاومة واجب شرعي، ومن والاها فهو منا، ومن عاداها فهو في صف الأعداء
- فلسطين أرض وقف إسلامي، وحرمة التنازل عن أي شبر منها ثابتة بالإجماع
- التقاعس عن نصرة غزة فرار من الزحف وخيانة لله ولرسوله
- إغلاق المعابر والحدود خيانة للأمة الإسلامية، ويتعين على الدول فتحها للنفير العام
- جهاد المحتلين واجب شرعي على كل مسلم قادر على القتال أو المساهمة بأي وسيلة ممكنة
- مقاطعة منتجات الاحتلال والدول الداعمة له جزء من الجهاد الاقتصادي الواجب
- كل اتفاقيات السلام والتطبيع مع الكيان الصهيوني باطلة شرعًا، ولا تلزم الأمة بشيء
بعد فشل المفاوضات التي سعت إلى فرض شروط الاحتلال على المقاومة، فإن حماس تقف اليوم على مفترق طرق، ولم تعد هناك خيارات سوى الاستعداد لخوض معركة فاصلة، قد تؤدي إلى اندلاع حرب إقليمية واسعة تجعل الاحتلال في موقف أشد خطورة مما واجهه في 7 أكتوبر.
إن امتلاك الشعب العربي لتكنولوجيا الطائرات المسيرة الهجومية قد يقلب موازين المعركة، كما فعل في إسقاط أنظمة دفاعية خلال أيام، وهو ما قد يجعل المدرعات الإسرائيلية توابيت معدنية لجنودها في أي مواجهة قادمة.
ويبدو أن الله قد اختار ترامب ليكون سببا في دمار إسرائيل، واختار نتنياهو ليكون مهندس خرابها، فالتاريخ يشهد أن الطغاة يجرّون أوطانهم إلى الهلاك، وأن الله هو من يدير المعارك بقدرته، كما قال تعالى: ﴿وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ﴾ [الأنفال: 7]
إن القضية الفلسطينية ليست قضية شعب محاصر؛ بل قضية الأمة الإسلامية جمعاء، والمطلوب اليوم:
- كسر حاجز الخوف لدى الشعوب العربية، وعدم الاستسلام لأنظمة التطبيع
- تحفيز الجماهير على الاحتجاج والتضامن بكل الوسائل
- التحريض الإعلامي الهادف لكسر الرهبة وزرع روح الجهاد والمقاومة
- تأكيد العلماء والدعاة على فريضة الجهاد ضد العدو الغاصب
وكما كانت معركة بدر نقطة فاصلة في تاريخ الإسلام؛ فقد تكون هذه المعركة محطة لتحولات كبرى في تاريخ الأمة. وقد قال تعالى:
﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة: 216].
نسأل الله أن يرفع الظلم عن أهل غزة، وأن ينصرهم نصرا مؤزرا، وأن يخذل عدوهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
ودمتم سالمين.