عاهات العرب: بين الماضي والحاضر
بقلم: منصور بلعيدي_
منذ الجاهلية وحتى يومنا هذا، عانت المجتمعات العربية من أمراض اجتماعية وسياسية أفرزت شخصيات وأفعالاً أضرت بالأمة أكثر مما أفادتها.
هذه "العاهات" ليست مجرد ظواهر عابرة، بل هي امتداد لتاريخ طويل من الخيانة والنفاق والانحراف عن القيم التي كان يفترض أن تكون أساساً لنهضة الأمة.
في الجاهلية، كان الخائن أبو رغال رمزاً للخيانة، حين أرشد أبرهة الأشرم إلى طريق مكة، في فعلٍ لا يزال يُذكر كوصمة عار في التاريخ العربي.
وفي صدر الإسلام، برز عبد الله بن أبي بن سلول، رأس المنافقين، الذي سعى بكل وسيلة لتقويض وحدة المسلمين وإضعاف صفوفهم من الداخل.
هذه الشخصيات لم تكن مجرد أفراد، بل تجسيداً لأمراض اجتماعية عميقة، مثل الأنانية والطمع والخيانة.
في عصرنا الراهن، تتجلى "العاهات" في شخصيات تدّعي تمثيل الدين أو الوطنية، لكنها في الحقيقة تعمل على تقويض القيم التي تدّعي الدفاع عنها. من بين هؤلاء، شيوخ يُعرفون بمواقفهم المثيرة للجدل، مثل صاحب مقولة "جاهد بالسنن" وآخر الذي وصف المقاومة الفلسطينية بأنها "شر".وثتلث وصفها بـ( المنحرفة).
هذه المواقف لا تعكس فقط انحرافاً فكرياً، بل أيضاً جبناً عن مواجهة الحقائق، خاصة عندما يتعلق الأمر بدعم المقاومة في غزة، التي تقاتل نيابة عن الأمة بأكملها.
المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها حماس، لم تسلم من سهام النقد من بعض الشخصيات التي كان يُفترض أن تكون داعمة لها لا ناقدة.
هذه الشخصيات تبرر مواقفها بالتحجج بأن الدعم يأتي من إيران، متجاهلين أن العرب أنفسهم خذلوا المقاومة، كما قال الشهيد السنوار: "عرضنا أنفسنا على إخوتنا العرب فخذلونا."
في المقابل، هؤلاء الشيوخ لا يجرؤون على نقد الحكام العرب الذين يتعاملون مع القوى الغربية علناً وسراً، بل يقفون في صف إسرائيل دون خجل.
ما يزيد الطين بلة هو الفكر العقيم الذي يحمله هؤلاء، والذي يتناقض مع تعاليم الإسلام وشريعته العادلة وهم يدعون حمل رسالته.
فبدلاً من أن يكونوا صوتاً للحق، أصبحوا أدوات لتبرير الظلم والتخاذل، مما يجعلهم بحق "عاهات" الأمة في عصرنا.
عندما ننظر إلى التاريخ ونقارنه بالحاضر، نجد أن العاهات لم تتغير، بل تغيرت أشكالها وأدواتها.
فالخيانة والنفاق والتخاذل عن نصرة الحق هي أمراض لا تزال تنخر في جسد الأمة.
عم، هؤلاء يستحقون هذا الوصف، لأنهم لم يكونوا سوى عائق أمام نهضة الأمة ووحدتها، سواء في الماضي أو الحاضر وينشرون عاهاتهم على الملأ بوقاحة لايحسدون عليها.