عيد الفطر في تعز: فرحة الأطفال المكبلة بالفقر والحرمان.
بقلم: موسى المليكي.
مع اقتراب عيد الفطر السعيد، ينتظر الجميع قدومه بفارغ الصبر، خاصة الأطفال الذين يجدون فيه يوم فرح ومرح. لكن المشهد في محافظة تعز لا يختلف كثيرًا عما سبق، بل يزداد قسوة بسبب عدم كفاية الرواتب المتدنية أصلاً.
فالفرحة هنا ممزوجة بحرقة الفقر، والأطفال هم الأكثر تضررًا. آلاف الأطفال محرومون من بهجة العيد، التي لا تعني لهم سوى ملابس جديدة وألعاب تلهو بها أياديهم وقليل من النقود يشترون بها ما تشتهيه أنفسهم.
وعود كاذبة وكسوة بعيدة المنال
تقول "أم عبدالله"، وهي أم لخمسة أطفال، إن الفقر يلازمها ويحول دون تلبية طلبات أبنائها:"أضطر إلى مسايرتهم بالوعود، فأقول لهم سنشتري الكسوة اليوم أو غدًا، لكنهم لا يعلمون أن غدًا مثل الأمس، ولن يختلف عيدهم عن بقية أيام السنة التي يعيشونها في عوز دائم".
وتضيف: "لقمة العيش أولى من كسوة لخمسة أطفال، لأن شراءها يعني حرمان العائلة من الطعام لنصف شهر".
أما "أم حنان"، فتشير إلى الارتفاع الكبير في أسعار كسوة العيد:"كسوة الطفلة البالغة أربع سنوات، المكونة من فستان وبنطلون، تجاوزت 60 ألف ريال يمني، وأكثر من ذلك في بعض المحلات".
وتتابع: "زوجي يعمل بالأجر اليومي ويتقاضى 8 آلاف ريال، لكن عمله غير مستمر، وهو يعيل خمسة أفراد". وتوضح أن أسعار كسوة العيد تتضاعف كل عام بسبب تدهور الاقتصاد، وأن عائلتها ستكتفي هذا العام بكسوة العيد الماضي.
وتختتم بقولها:"نحن نمتلك كسوة العام الماضي، لكن هناك أسرًا لا تجد قوت يومها، ناهيك عن كسوة العيد التي أصبحت بالية من كثرة الاستخدام".
عيد بلا بهجة.. وأطفال بلا فرح
يقول المواطن "سعيد الصبري":"العالم يستقبل العيد بكسوة جديدة وكعك وهدايا، أما نحن في تعز فنستقبله بملابس قديمة ووجباتنا المعتادة".
ويضيف:"الحرب المستمرة منذ عشر سنوات وارتفاع الأسعار جعلتا الأسر تتنازل عن فرحة العيد لضمان لقمة العيش".
ويتابع:"أطفالنا سعادتهم مخطوفة، فهم لا يتمتعون كما أطفال الدول الأخرى بالألعاب النارية أو الذهاب إلى الحدائق".
من جانبه، يقول "أحمد" إن المتطلبات المعيشية صعبة في ظل الغلاء، ويعبر عن عجزه قائلًا:"أتلقى 100 ألف ريال، فماذا يفعل هذا المبلغ لأسرة من ستة أفراد؟".
استجداء من أجل كسوة العيد
تزداد الصورة قتامة مع حالات مثل الطفل "غالب" (18 عامًا)، الذي يتجول في شوارع حيته لاستجداء المال، ليس لإطعام أسرته، بل لشراء ملابس العيد.
ويروي غالب أنه اعتاد الذهاب مع رفاقه إلى مقبرة "الأوجينات" صباح أول أيام العيد لطلب "العيدية" من زوار الموتى، ثم يبدأون طقوس العيد بشراء ما تيسر وركوب الأراجيح.
العيد عيد العافية
من جهته، يتذكر الناشط "الأحمدي" أيام الطفولة قائلًا: "كنت أتعجب عندما تقول لي أمي: 'العيد عيد العافية يا ولدي'، ولم أفهم معناها إلا الآن".
ويضيف: "الآن عرفت أن العيد حقًا عيد العافية، وأن الملابس مجرد أشكال نرتديها أمام الناس".
هكذا يمر عيد الفطر على أهالي تعز، حيث تذوب فرحة الأطفال في بحر من الحرمان، وتتحول الأيام التي يفترض أن تكون مميزة إلى امتداد لأيام العوز والفاقة.