كلنا فاسدون

 بقلم: عبدالله العبادي،

"كلنا فاسدون حتى بالصمت العاجز الموافق قليل الحيلة" جملة قالها الفنان أحمد زكي في فيلم ضد الحكومة، لخص فيها الكثير من واقع مجتمعات منهكة القوى، حكومات فاشلة وسياسات عرجاء، لم تلبي تطلعات الناس. في المغرب مثلا، كل ما نشهده هي مبادرات ومشاريع ملكية، في حين يئن معظم السياسيون تحت قبضة الفساد، وحكومات لا بوصلة لها، أوصلها الشعب للسلطة عبر صناديق الاقتراع.
إننا ننظر اليوم لمحاولات الإصلاح الحكومية الخجولة، كترميم واجهة بيت آيل للسقوط. تبدو فكرة جميلة، لكنها لا تلامس جذور الأزمة في العمق. إن أهم إصلاح يجب ان يبدأ بالفرد ومن دواخلنا، وإلا نكون في طور إعادة إنتاج نفس الأزمات القديمة.
نحلم اليوم بجيل جديد وببلد جديد، بدماء جديدة وطنية شريفة، نريد تعليما لا ينحصر في الشهادة ولا بالوظيفة. ولا سياسة منحصرة في الانتخابات والسلطة والمال، ولا دينا يمكن اختزاله في جلباب ولحية. لقد هزمتنا المصطلحات و المفاهيم التي لم نستوعبها جيدا، البعض منها تجاوزه الزمن، وأخرى لم نفهمها بعد.
اصبحنا بحاجة لفكر الحلول، لفكر النقد البناء وتربية العقل النقدي، وتربية الفرد على الوطنية والقيم والمبادىء الأصيلة. هذا هو الإصلاح العميق الضروري الذي يصل لروح الأشياء وليس العمل على تلميع الصدأ والركوب على مآسي الناس.
سنُبعث من تحت الرماد، كطائر الفينق، حين تكون هناك إرادة جماعية، لأن ورطتنا جماعية. كلنا مسؤولون عن واقعنا، كل من زاويته ومن موقعه. كلنا نتحمل مسؤولية الرداءة السياسية والفساد الذي ينخر مؤسسات الدولة، فساد الأحزاب السياسية والنخب الفكرية والإعلامية، الكل اليوم مطالب بأن يكون جزء من الحل.
نحن بحاجة لمجتمع جديد، إنسان جديد مشبع بقيم الوطنية والمسؤولية، نشأ في بيئة آمنة ويعمل على دوامها واستقرارها، لا يهمه الثناء بل يعمل ضمن مشاريع واضحة الأهداف والمعالم، والأهم يُراقب نفسه ويُقيم نفسه ويُحاسب نفسه بنفسه.
مجتمع يؤمن بكرامة الانسان، بالحق والواجب ضمن إطار وطني شامل، وروح وطنية حية، ومشروع بلد جديد، جيل جديد يرى في التغيير روحا إيجابية ولا يقاوم الإصلاح بسبب الإيديولوجيات الفاسدة، ولا يقف أمام مصلحة الوطن أو يعمل ضدها، لأن كل شيء يبدأ بالوطن وينتهي بالوطن. وطن يحتضن الجميع بكل الاختلافات الممكنة، تحت شعار الله الوطن الملك.
نريد مجتمعا كل أفراده يصنعون التغيير ويشاركون فيه، لانهم كانوا جزء من المشكلة واليوم هم جزء من الحل. المجتمع الجديد بحاجة لعقليات جديدة تصنع الفارق، وتبني وطن الغد.

بقلم الكاتب الصحافي عبدالله العبادي، المختص في الشؤون العربية والإفريقية.