سلسلة : رجال عرفتهم:1 بين الصداقة، الوفاء، والتحديات الإنسانية
في مسار الحياة، تُبرز المواقف الاجتماعية ألواناً متعددة للعلاقات الإنسانية بين الناس، حيث يتشابك البشر في شبكة من الصداقات والمعارف، تتنوع بين الحميمية والعابرة، وبين الوفاء والصراع مع تقلبات الزمن.
هذه العلاقات تمنح الإنسان مساحة للتفاعل، لكنها أيضاً تكشف الحقائق، وتتحدى مفاهيم الثبات التي يظنها البعض لا تتغير.
بين زملاء العمل الذين يصبحون أصدقاء، ورفقاء الدرب الذين يتحولون إلى إخوة ، تتباين طبيعة العلاقات الإنسانية.
وفي مسيرة الحياة، تبرز أنواع من الرجال الذين يظلون ثابتين على مبادئهم، لا تغيرهم المستجدات، ولا تهزهم متغيرات الحياة فيصمدون امام تحديات الحياة ثابتين على الوفاء لا تهزهم تقلبات الدهر ومعوقات الحياة
هؤلاء هم الأقلية التي تمثل الوفاء الحقيقي في عالم يتغير باستمرار.
بين فصول الحياة المختلفة، كانت هناك محطات رائعة لرجال عظماء واجهوا التحديات بثبات وكانوا رجالاً يُعتد بهم.
في بداية الشباب برز في مسيرة حياتي ، أصدقاء أعزاء منهم: علي سعيد منصور وعبد القادر سالم فضل كانوا ومازالوا من اعز الاصدقاء.
والفقيد الاديب الرائع احمد سعيد منصور صاحب كتاب لغة الربيع الذي غيبته الحرب.
وفي مرحلة اخرى عرفت رجالاً افذاذاً
ومنهم : القائد سعيد صالح منصور، والقائد أحمد سعيد مطهف، والقائد سالم صالح شبر والقائد سالم أحمد عباد، والقائد محمد واصل، واخرون وجميعهم استشهدوا في حرب الأخوة الأعداء عام 1978م ، تركوا بصماتهم الخالدة في الذاكرة الإنسانية.
وفي مرحلة متوسطة من العمر، عرفت الشهيد ناصر سعيد مشدف كشخصية مثالية في الإيثار والعطاء ، حيث أعطى من نفسه كثيراً دون تردد أو شرط، ليصبح نموذجاً للإنسانية والعطاء والتضحية.
ومحسن محمد علي الجميلة كان صديقاً رائعاً أخذه القدر في حادث سيارة.
وهناك أسماء أخرى لا تقل روعة عن سابقيهم، منهم: الشيخ منصور محمد صالح المنصب الذي لايعوض والاستاذ ناصر عبدالله البجيري، وعبده علي سعيد وعلي خضر ناصر مجمل، وناصر عمير حيدره، مثّلوا قمة في الأخلاق والطيبة والوفاء.
وكذلك الشيخ عادل باهادي الرجل العصامي الاكثر إلتصاقاً بالمسجد كداعية مخلص لدعوته صادقاً في مسيرة حياته.
وفي مرحلة عمرية متأخرة برز الاخ العزيز زيد سيف علوي اليافعي والدكتور ياسر باعزب والأستاذ حسين الحروري كأصدقاء أوفياء يُعتد بهم، حيث جسدوا معاني الصداقة النقية التي تستحق الثناء والتقدير..
وكذلك الصديق العزيز الفقيد محمد صفر الجعدني الذي لا ينسى.
لكن ليس الجميع على هذا الثبات، فهناك من يكشف الزمن عن زيفهم، ينسحبون من العلاقات كما ينسلخ الليل عن النهار.
عوامل التعرية الاجتماعية تكشف الأقنعة وتجرد المظاهر، ليظهر معدن الأشخاص على حقيقتهم.
فقد جرفت عوامل التعرية الاجتماعية بعض الاصدقاء لتصبح صداقاتهم مجرد ذكرى كانت ثم بانت.
هذه المواقف، رغم مرارتها، الا انها تُعلّم الإنسان أهمية التوازن في العلاقات، وعدم الإغراق في الثقة المطلقة، لأن ليس كلما يلمع ذهباً، وقد يكون مجرد نحاس يُكشف مع مرور الوقت.
من خلال هذه التجارب، تأتي الحكمة القائلة: "أحبب حبيبك هوناً ما لعله يكون بغيضك يوماً ما، وابغض بغيضك هوناً ما لعله يكون حبيبك يوماً ما."
هذه النصيحة تلخص ضرورة أن تتسم العلاقات بالتوازن، لتحتفظ بمرونة تتيح لك العودة أو التراجع حسب الظروف.
لاشك ان الحياة سلسلة من العلاقات الاجتماعية التي تكشف مع الوقت عن حقيقتها، بين من يبقى وفياً مخلصاً ، ومن ينسلخ تحت ضغط الظروف.
هذه التجارب تُظهر أهمية أن نعيش بوعي وفطنة، نحترم الثابتين، ونأخذ العبر من المتغيرين، لأن الحياة مليئة بالتقلبات التي تُشكّل دروساً لا تنتهي.
وهكذا تستمر رحلة الحياة ، بين الصداقات التي تصمد والأخرى التي تندثر بفعل تغلبات الدهر وتغيرات الزمن.
وللحديث بقية.،،،،،