إضراب المعلمين وأساتذة الجامعات في المحافظات المحررة.. أزمة تكشف انهيار التعليم وتعمّق الفجوة الطبقية

تدخل المحافظات المحررة شهرها الرابع  تحت وطأة إضراب شمولي لم يشهد له التعليم في بلادنا مثيل من قبل ، لقد بدأ كحركة احتجاجية للمعلمين تحول إلى كارثة تعليمية تطال كل مراحل التعليم، من المدارس إلى الجامعات، تاركة جيلاً كاملاً على حافة الهاوية.

يكشف الواقع المرير أن راتب المعلم والأستاذ الجامعي الذي كان بالكاد يكفي قبل عشر سنوات لشراء المتطلبات الأساسية ،لم يعد اليوم يكفي لشراء ولو الحد الأدنى من المتطلبات الأساسية .
الانهيار الكارثي لقيمة الريال اليمني (من 57 إلى 632 ريالاً يمنياً مقابل الريال السعودي) حول الرواتب إلى أرقام رمزية، بينما قفزت الأسعار إلى مستويات قياسية.

في مشهد يعكس الازدواجية الخطيرة نرى:
-المدارس الحكومية مغلقة أبوابها
-الجامعات الحكومية متوقفة عن العمل منذ بداية الفصل الثاني
-بينما تواصل المدارس والجامعات الخاصة عملها بانتظام

في خضم هذه الكارثة خرج طلاب الثانوية العامة في وقفة احتجاجية أمام مبنى وزارة التربية والتعليم بالعاصمة المؤقتة عدن، لم يكن احتجاجهم مجرد رفض للامتحانات، بل رفضاً لمحاولة تزييف الواقع بمعاملتهم كأنهم تلقوا تعليماً مكافئاً لأقرانهم في المؤسسات الخاصة. هذه الوقفات كشفت زيف شعار "المساواة" في نظام تعليمي يكرس الطبقية بأبشع صورها.

تكمن المأساة الأعمق في تحول التعليم من حق دستوري إلى سلعة حصرية ، فأصبحت المؤسسات التعليمية الخاصة حكراً على أبناء القادرين، بينما أبناء الفقراء يحكم عليهم إما بالتسرب أو القبول بتعليم منقوص. هذا التمييز لا يهدد فقط مستقبل جيل ، بل يغذي دائرة الفقر وعدم المساواة لأجيال قادمة.

أمام هذا الانهيار الشامل أصبحت الحلول الجذرية ضرورة وجودية:
-ربط الرواتب بأسعار السوق وسعر الصرف
-إصلاح هيكلي لضمان استمرار التعليم
-خطة استثنائية لتعويض الفاقد التعليمي
-ضوابط صارمة للمؤسسات الخاصة
-ضمان تكافؤ الفرص التعليمية للجميع

المعلمون والأساتذة المضربون، والطلاب المحتجون، يقدمون درساً في الوعي والمسؤولية ، مستقبل البلاد  يتوقف على الاستجابة لهذا الإنذار الأخير - إما بإصلاح جذري يضع التعليم في قلب الأولويات، أو بالمزيد من التدهور الذي سيدفع ثمنه الوطن بأكمله. فالتعليم ليس مجرد خدمة بل هو أساس بقاء الأمم.