أكذوبة الجندي المجهول؟
بقلم: حسين السليماني الحنشي
الجندي المجهول هو رمز لتكريم أرواح الجنود الذين ضحوا بحياتهم في سبيل الوطن، ولكن لم يتم التعرف على هوياتهم أو لم يتم العثور على جثثهم.
فيُقام نصب تذكاري أو قبر للجندي المجهول لتخليد ذكراهم وتقدير تضحياتهم، حتى وإن ظلوا مجهولين، وهذا في البلدان التي يسودها النظام والقانون، وتعيش شعوبها في سعة العيش الكريم، بينما يضع النصب التذكاري لشهداء الثورة في بلداننا، لإعلان إن البلاد من بعدهم قد تم نصبها وهو يوم يحتفل به الذين سرقوا البلاد وحلوا بالعباد، احتفالات على استيلاءهم على خيرات البلاد.
فيتم تكريم كروشهم التي اتسعت لتلك الأملاك الوطنية. والجنود المجهولين الذين ضحوا بحياتهم من أجل أوطانهم، أرادوا بذلك أقامت دولتهم على العدل وسيادة القانون، لكنهم تركوا من خلفهم اوطانا مسلوبة وشعوبا مطحونة، حين جاءت سلطات تسيطر على مفاصل الدولة، من أجل الاستحواذ على ممتلكاتها، وسلب حقوق الشعب، لكن التكريم الحقيقي يظهر في الدول التي عملت على تحقيق أهداف ثوراتها المعلنة، الذي ضحى الجنود في سبيلها من أجل مستقبل أفضل، وهذه الصروح التي تُقام لهم يُظهر فيها قادة بلادهم تقديراً للدور الذي لعبه الجنود في حماية أوطانهم.
لكن في أوطاننا لا نعلم من خان الوطن!
فصرنا نقيم محاكم الخيانة العظمى، والتهمة المزعومة إلى من يتصل بدولة خارجية بهدف تقويض الأمن والاستقرار، كما ينشر في الجريدة الرسمية، ولكن حينما نتمعن في النظر إلى السلطات نراها متصلة أيضاً بالخارج، وتكون العقوبة دائماً هي الخيانة، وتنتهي بالحكم بالإعدام أو السجن المؤبد، وهكذا نظل نحصد أرواح الأحرار...
فصرنا لا نعلم حقا ماهي الخيانة للوطن، فهل المخلصون للأوطان خونة؟!
فقد رأينا المشانق تلتف حول رقابهم!
فهل التقاعس في الدفاع عن وطني يعتبر خيانة؟!
نعم قد يقول قائل، وهو لسان حال الكثير : من الغباء أن نموت من أجل الوطن، ونحن لا أملك فيه بيتا!
من الغباء أن نضحي بأنفسنا ليعيش أطفالنا من بعدنا مشردين، ومن العار أن نترك بناتنا فريسة سهلة لا عائل لها.
إذاً فماهو الوطن؟
إن الوطن حيث تتوفر مقومات الحياة للشعب ليس لعصابات، أو غيرها.
لكن اليوم أوطاننا تتوفر فيها مسببات الموت فقط ، من جوع ومرض، واستبداد ، وحروبا لا تتوقف، صنعها الساسة...
إن الإنتماء للوطن كما نسمعه اليوم، هو من اختراع الساسة أيضاً، لنموت من أجلهم لا لأجل الوطن، أننا لا نؤمن بالموت من أجل الوطن، الذي استباحته العصابات، وصار أكذوبة أكدتها لنا الأيام، حينما رأينا عوائل الشهداء بلا مأوى، ورأينا الخونة الحقيقيون لا تلامس أقدامهم تراب الوطن، ولا يعرفون شمسه، ولا يأكلون لحوم أسواقه، ولا يتذوقون ثمار نباته، ولا يدرسون في مدارسه الوطنية التي أجبروا الكل على ترديد النشيد تحت الراية، فالوطن لايخسر أبدا من قادته، لكن نحن الخاسرون عندما يبتلي الوطن بالحروب نأتي نحن أبناء البسطاء لندافع عنه، إن الشعوب ستظل دائما منكوبة ما دام من يحكمها هو هذا الصنف...
إننا شركاء في خيانة الوطن عندما صفقنا لمن أكلوا الأخضر واليابس، ولم يتركوا للشهيد بيتا تسكن فيه أسرته.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه ، هل سنموت من أجل الوطن؟
لا، لأن المسؤولين يتقاسمون الغنائم قبل أن تجف دماؤنا !
لقد أقمنا السجون والمشانق ، على عدم الوقوف للنشيد الوطني، لكننا نرى من يسرق الوطن وهو يردد النشيد ويحمل الراية!!!
وما أكثر الأوطان التي تقيم الصروح الشامخة العالية، ليس من أجل الجندي المجهول، بل للنصب والاحتيال ...