تحت الضوء… حيث تُصاغ الحياة من جديد

(أبين الآن) كتب نبيل الحريري
في قلب غرفة العمليات، حيث يتلاشى الضجيج وتحتشد الدقة، يقف الدكتورMugahed Husseiny كأنه مهندسٌ يعيد ترتيب الجسد، كفنانٍ يعيد رسم ملامح الأمل في عين مريض أرهقه الألم. هناك، بين الأدوات الجراحية والمجهر الطبي، تبدأ ملحمة الشفاء، حيث لا مكان للخطأ، ولا وقت للتردد، فقط مهارةٌ تتحدى المستحيل.
حين يجلس الدكتور مجاهد أمام الميكروسكوب، تنكشف أمامه تفاصيل لا تراها العين المجردة، خيوطٌ متشابكة من الأنسجة العصبية، وكأنها أسرار الحياة التي تحتاج إلى يدٍ خبيرةٍ تفك ألغازها. كل حركة تُحسب بالمليمتر، كل غرزةٍ تُنفذ بصبرٍ يشبه نبض القلب، وكأنها عزفٌ متناغمٌ على آلة الزمن، حيث يعود الجسد ليبوح بسر قوته من جديد.
الجراحة… بين العلم والإبداع
إنها ليست مجرد عملية، بل هي لقاءٌ بين الدقة والإبداع، حيث تصبح الأدوات امتدادًا لروح الجراح، وتتحول العملية الجراحية إلى سيمفونية تُعزف على وتر الحياة. هناك، بين إعادة ترميم الأعصاب وتوصيل الأنسجة، يُكتب فصلٌ جديدٌ في كتاب النجاة، يُعيد ترتيب ملامح الأمل في عين مريضٍ كان بالأمس يعاني.
الطبيب... حين يحمل في يده مصير إنسان
في تلك اللحظة الحاسمة، حيث يترقب الجميع نتيجة العملية، يرفع الدكتورمجاهد رأسه بعد ساعاتٍ من الجهد المضني، وفي نظرته يلمع نور الانتصار. لقد تم بناء الجسد من جديد، لقد استعادت الخلايا نبضها، وعاد الطريق الذي انقطع ليكون جسرًا للحياة مرةً أخرى.
رسالة الأمل والإنسانية
ما يحدث تحت قبة الضوء ليس مجرد طب، بل هو فنٌ يحاكي أعظم إبداعات البشرية، هو رسالةٌ تحمل قداسة العمل وتلامس جوهر الوجود، وكأن الجراح لا يكتفي بإصلاح الجسد، بل يعيد صياغة الحكاية، يكتب فصلًا جديدًا في رحلة الإنسان مع الشفاء.
وراء القناع، هناك رجلٌ لا يبحث عن المجد، بل عن ابتسامةٍ ستعود إلى وجه مريضٍ انتصر على الألم، رجلٌ يقف في صمتٍ، لكنه يُحدّث الجراح بلغةٍ لا يفهمها سوى أولئك الذين يقدّرون الحياة.
نبيل الحريري