الشعب الميّت
بقلم: حسين السليماني الحنشي
يختلف الحي عن الميّت، فلا يمكن أن يعيش الحي في وضع غير طبيعي؛ لأنه بكل بساطة حي، والحياة تفرض نفسها عليه، حيث الإحساس الذي يستمده من الحياة والتي لا تقبل بالشعور بالجوع والعطش لفترة ولو كانت محدودة؛ لأن الحياة تتعارض مع الألم مما يحدثه المحيط الذي تعيش فيه، فتظهر علامات الحياة، فيقوم ولا يقعد حتى يتمكن من فرض مقومات الحياة أو يعمل على تثبيت الأهم منها حتى يصل إلى الرفاهية والراحة، ولا يتوقف ولا يستطيع أحد أن يمنعه من أخذ مقومات حياته ولو كلفه الأثمان الباهظة، تلك هي الشعوب الحيّة، على عكس الشعوب المّيتة حيث لا توجد بها علامات الحياة التي تدعوها للحركة من أجل النهوض ، فهي ساكنة، ساكتة، جثة هامدة، لا أثر لها، ولا تؤثر سلبا أو إيجابا في المحيط الموجودة فيه، فلا ينظر لتلك الشعوب إلا من باب الشفقة والرحمة [إكرام الميّت دفنه] فهي ميّتة الإحاس حيث وصلت الحياة فيها إلى البؤس والحرمان.
إن تلك الشعوب أو الشعب الميّت، لا إحساس عنده ولا شعور بالألم مهما كان الوخز في جسده أو كان وضعه بأي حال،
والشعب الميّت لا يعيش كمثل الشعوب الحيّة ، التي تجد فيها الخدمات التي تلبي متطلبات الحياة بشكل منقطع النظير ، وكذا تجد الأفراد فيها أقوياء لا تأخذهم لومة لائم في المضي وبقوة بأخذ الحقوق التي تعينهم على العيش بكرامة، فلا تجد إلا الطرقات المعبدة والمناظر الخلابة، ولا تجد إغلاق الشوارع من طفح المجاري... أو أسلاك الأعمدة الكهربائية التي سقطت، أو توقف مضخات المياه إلى المنازل أو تأخر الرواتب، أو إرتفاع الأسعار الذي لاحد له أو هبوط العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، [يأتيهم الموت من كل مكان] فكانت حياة تلك الشعوب هي الأصعب من بين شعوب العالم، فكان موت الضمير عندها قد أمات الإحساس فيها.
فلا تحس بما يعمل فيها...
فكانت شعوباً ميّتة، لا حياة فيها، فهم [أموات غير أحياء]...