بشير المضربي.. أسد الصحراء الذي هز عروش الروافض وصدّ زحف المارقين
حين تشتد الخطوب، وتضيق الأرض بما رحبت، وتتهاوى القلاع واحدة تلو الأخرى، لا يبقى في الساحة سوى الرجال الذين نذروا أنفسهم للحق، وارتضوا بأن تكون دماؤهم فداءً لدينهم وأرضهم وعرضهم، في تلك اللحظات الفارقة، لا يحتاج الوطن إلى كلمات ولا إلى شعارات، بل إلى أفعال تسطرها البنادق، ومواقف تخلدها الشهادة، وعزائم تذيب الفولاذ ؛ ومن بين هؤلاء العمالقة، يطل علينا اسم كالبرق الخاطف، يزلزل الأرض تحت أقدام الأعداء، ويعيد للأمة ثقتها بنفسها..إنه العميد بشير المضربي، القائد العام لقوات درع الوطن ، القائد الذي حول صحاري اليمن إلى ساحات مجد، وجعل من ترابها درعاً، ومن صخورها سيفاً، ومن إيمان رجاله جيشاً لا يقهر ،لا يعرف التراجع، ولا يرضى بالدنية، بل يتقدّم الصفوف حيث يخشى الآخرون، ويقف في وجه العاصفة حين يفر منها الجبناء؛ إنه الأسد الهصور، والفارس المغوار، الذي لم يرهبه زئير المدافع، ولا أزعج سكينته طنين الرصاص، رجلٌ إذا نادى المنادي: "حيّ على الجهاد"، كان أول الواصلين، وإذا علا صوت الاستغاثة من أرض مكلومة، كان أول المنتصرين؛ تربى على قيم النخوة والكرامة، ونهل من معين العقيدة الصافية التي لا تعرف الانكسار، لم يكن يومًا باحثًا عن منصب، ولا ساعيًا وراء مكاسب، بل كان دومًا في خندق الحق، يقاتل بسلاح الإيمان، ويتقدم بجناحيّ الشجاعة والحكمة.
حين اجتاحت المليشيات الحوثية المدن، وارتخت مفاصل الدولة، وتخاذل القريب والبعيد، كان بشير المضربي يجول في الصحارى والوديان، من بئر أحمد إلى جعولة، ومن الوهط إلى الحسيني، ومن صبر إلى العند. لا تسألوه عن النوم، فهو لا يعرفه، ولا عن الراحة، فهي ليست من قاموسه، اسألوا القذائف والمدافع التي كانت بين يديه، كيف كانت تسقي الأعداء كؤوس الذل والمهانة، تسألوا عن المتارس التي حفرها بنفسه، وعن السواتر التي بناها بساعديه، وعن الجنود الذين كان لهم أبًا وقائدًا وأخًا رفيقًا.
بشير المضربي، ذاك الاسم الذي إذا نطق ارتجفت مفاصل الخوف في صدور الأعداء، وتناهت إلى الأسماع أصداء المعارك التي خاضها بلا تردد، وبصدر مفتوح كأنما خلق من نار لا تنطفئ ،لم يكن بشير المضربي، ممن ينتظرون أضواء الكاميرات، ولا ممن يهوون الظهور الخادع، بل كان شعلة من نار تسير بثقة نحو الأعداء؛ حمل بندقيته لا لتزيّن كتفه، بل لتصنع فجرًا جديدًا لأبناء ترابه، وتعيد للقيم هيبتها، وللحق صولته ،وفي أوقات عزّ فيها الوفاء، وتراخت فيها السواعد، كان هو السد الصلب، والصوت الصادح، والذراع التي لا تكلّ ،كان يقتحم المعارك كما يقتحم الأسد عرين خصومه، لا يعرف رجفة، ولا يتراجع خطوة، إذا دعا داعي الجهاد، انبرى كما تنقض الصقور الجارحة على فرائسها، هادرًا كالرعد، حادًا كالسيف، خالدًا في ضمير كل من عرف معنى التضحية.
ومع كل ذلك، لم تفارق وجهه ملامح التواضع، ولم تغب عن مجلسه لغة العدل والحكمة، اجتمع فيه سيف الجبهة، ولسان الداعية، وقلب الإنسان، فكان قائدًا ومصلحًا، ومجاهدًا وراعيًا، لا تفتنه الصدارة، ولا تغريه الألقاب.
وحينما انكفأ البعض خلف جدران الخوف، وانهارت الرايات أمام زحف الباطل، بقي هو في الصفوف الأولى، يقاتل عن الدين، ويذود عن الأرض، ويذيب نفسه في أتون المعركة كي يُولد الوطن من رماد الخيانة، طاهرًا عزيزًا.
ذاك هو بشير المضربي...رجل لا تعرّفه الكلمات، بل تُعرّف به أقدار المعارك، وكرامات النصر، وهيبة البندقية التي لا تشهر إلا في وجه الباطل، هو القائد الذي لا يكرر، والبطل الذي لا يبهت، والمجاهد الذي لا يساوم.
فله المجد ما دام في الأرض رجال، وله الدعاء ما دام في القلوب وفاء، وله التحية من شعب لم ينس من صنعوا له دروب الحرية بدماء لم تجف، وسواعد لم تخذل، وقلوب لم تعرف غير الإيمان وقودًا.
سلام عليك يا بشير المضربي... وسلام على من ساروا على خطاك، أولئك الذين آمنوا بأن الكرامة لا تمنح، بل تنتزع، وأن الوطن لا يحفظ بالشعارات، بل يُروى بالدم.