كيف استطاع بن مبارك أن يمثل دور الضحية ؟؟!!

بقلم: د. سعيد سالم الحرباجي 

{ أسوأ من الفاسد ، وأقبح من الظالم.... صاحب قلم يستخدم قلمه لتزوير وعي الشعب } 

في تلك اللحظات التي شعر فيها ابن مبارك أن سفينته تتقاذفها الأمواج العاتية ، وأن الغرق لا بد منه ...
حاول جاااااااهداً أن يقفز منها إلى قارب صغير متهالك يقبع في ناحية بعيدة من المحيط ظاناً أنَّ ذلك القارب هو طوق النجاة.

ففكر ثم فكر ثم نظر ...
فاهتدى إلى  أن يرمي لقيمات من الفتات المتساقط من مائدته الفاخرة ...فالتقطها بعض ضعفاء النفوس ، وبائعو الضمائر ، وحاملو المباخر ، ومروجو الإشاعات ..

وماهي إلا لحيظات حتى استطاع أولئك الناعقون أن يملؤوا الفضاء الإعلامي بالكتابات ، والمنشورات ، ومقاطع الفيديو ، وكلها تهدف إلى 
إعطاء ابن مبارك  ( دور الضحية ) .
 
تلك المساحيق ، وذلك الديكور الذي أُسدِلَ على ابن مبارك تلقاه ( جهلة ) رواد التواصل الاجتماعي وعملوا له محاكاة ، بل وأضافوا عليه رتوشاً ذات صبغة براقة ، وكلها ترمي إلى تصور ابن مبارك كبطل قومي ، وكفارس لا يُشق له غبار في محاربة الفساد .

لقد نجح ابن مبارك ( عبر متلقي الفُتات المتساقط من مائدته الفاخرة ) أن يغادر منصبه بحفظ ماء وجهه ، وأن يطبع في ذاكرة المواطن الساذج أنَّه ضحية قوى الفساد ، وأنَّ قرار استقالته  نابع عن دوافع وطنية صرفة !!!

لكن الحقيقية المغيبة عن المواطن ....
أنَّ ابن مبارك هو واحد من أعمدة الدولة العميقة ، وركن من أركانها ، ورائد من روادها .

فلحوالي عقدين من الزمن وابن مبارك يشغل مناصب ذات أهمية بالغة ضمن منظومة فساد متكاملة ، تجرع  المواطن  بسببها  ويلات القهر ،  وناله سياط الفقر ، وآلم روحه وجع الحرمان .

فأين كان ابن مبارك الشريف ، النزيه ، الوطني ، الحريص على مصالح المواطنين خلال كل تلك الفترة ؟
هل سجل موقفاً واحداً ضد الفساد ؟
هل سمع أحد -  من الذين يجيدون العزف على مشاعر السذج من الناس - أنَّه تحدث يوماً عن الفساد ، أو حتى  همس همساً عن المفسدين ؟
هل تطرَّق يوماً من أيامه -  وهو في تلك المناصب الهامة  - إلى معاناة المواطنين  ؟


ثم ماذا قدم للشعب خلال عام وأربعة أشهر منذ توليه رئاسة الوزراء ؟
أسوأ مرحلة مرت باليمن خلال تاريخه الحديث...
هي هذه المرحلة التي تحمٌَل ابن مبارك فيها قيادة الحكومة .

اليوم وبعد أن شعر بأنه مغادر منصبه تذكر الفساد!!!
لماذا لم يقدم الفاسدين إلى نيابة الأموال العامة ؟
لماذا لم يخرج في مؤتمر صحافي ويصارح الشعب بالمعرقلين ، والواقفين حجر عثرة في طريق إصلاحته ؟
ثم   لماذا  لم يلوح  مجرد تلويح بتقديم استقالته
خلال مرحلة صراعه مع قوى الفساد ؟

آلان وبعد شعوره  بأنَّ الحبل قد  طوٌَق عنقه يخرج إلى الناس ويتحدث عن الفساد ، ويعلن أنه قدم استقالته احتجاجاً على مافيا الفساد ، وبدوافع وطنية !!!

فيا للعجب !!

الحقيقية أنَّه أقٌيل من منصبه نتيجة صراع القوى المتحكمة في الشأن اليمني  .
فلقد ظل متشبثاً به إلى آخر لحظة ، وبذل كلما بوسعه للبقاء في قيادة الحكومة...
وحينما شعر أنه خاسر النزال اهتدى  إلى موضوع الاستقالة ظانأ أنه سيحتفظ بماء الوجه ، وأنٌه ترجَّل عن كرسي رئاسة الوزراء طواعية..
 وذلك لتظل تلك الصورة  محفورة في ذاكرة المواطن الأبلة .

لا أظنُّ أنَّ أحداً من الباكين والمتباكين عليه اليوم ، أو من حاملي المباخر ....قادر على تغييب تلك الحقائق ...
ولو ملك من القدرة على تزوير وعي الشعب كقدرة سحرة فرعون على سحر أعين الناس .
 
أنا لست بصدد استهداف شخص ابن مبارك ، وليست لي خصومة شخصية معه ، ولم التق به يوماً ، ولا أقصد الإساءة إليه .

لكن خصومتي هنا  مع أولئك الذين ما يفتؤون يزورون وعي الشعوب ، ولا يملَّون من الكذب على السذج من الناس ، ولايتورعون في نشر الإشاعات المغرضة ، ولا يبالون من التملق لقادة مراكز القرار  !!!!
أولئك أسوأ بمليون مرة من الفاسدين ، والطغاة ، والظلمة أنفسهم !!

الظالم المستبد فرد ...
لكن أولئك المطبلين يصنعون منه جيشاً من المستبدين ويحيطونه بأعوان من الظلمة  وينسجون حوله سياجاً من الفاسدين ، ويحيلونه إلى خرافة ترهب المستضعفين ، والسذج من الناس .

أولئك هم شرار الخلق ، وأراذل الناس ، وهم من يتحملون النتائج الكارثية التي تطحن الشعوب..
لأنهم أعوان الظلمة .

وهذا ما أكده ربنا سبحانه وتعالى في كتابه فقال :  { إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُواْ خَاطِئِينَ }
فرعون : رمز الفساد .
وقارون : رمز مافيا المال .
والجنود : مطبلو فرعون ، وأعوانه .
فكلهم مخطئون ، وجميعهم  مشتركون في الإثم منخرطون في الظلم ، متساووون في الجرم .

وهذا المشهد يتكرر على مرٌ العصور ، والازمان..
المستبد فرد ...
ومافيا الفساد المالي تثبٌَت له أركان حكمه بغسيل الأموال .
والجنود ...هم إعلاميو الصرفة ، وبائعو الضمائر .


نحن اليوم بحاجة إلى صرخة وعي توقظ السذج من الناس حتى لا تتطلي عليها الاعيب بائعي الضمائر .

ولكن رغم محاولاتهم البائسة في تزوير الحقائق....
فإنَّ الشعب قد شب عن الطوق ، وأصبح يميز بين الغث ، والسمين...ولم يعد بمقدوركم أن تمرٌَرواعليه مشاريع الغدر والخيانة .