الحيادية... بين الخوف  و النفاق. 

الحيادية هي أن لا تكون مع طرف ولا ضده أن تقف في المنتصف دون أن تحرك ساكنا، وكثيرا ما يُنظر إليها على أنها موقف حكيم ومتزن، لكنها في بعض الأحيان تتحول إلى نفاق مبطن أو تخاذل واضح خاصة عندما يتعلق الأمر بالقضايا المصيرية التي تحدد مستقبل الأوطان.  

كم من موقف يحتاج إلى شجاعة حقيقية، لكننا نختار الصمت تحت ذريعة الحيادية؟ كم من فساد مستشر نراه أمام أعيننا، وبدلا من مواجهته، نكتفي بالمراقبة وكأن الأمر لا يعنينا؟ إن ما ضيّع البلاد إلا المواقف الحيادية، تلك التي تجعلنا نرى السرق والبلاطجة وهم يعيثون فسادا ، ومع ذلك نقف متفرجين، لا نحرك ساكنا، حفاظًا على مصالح شخصية أو خوفا من المواجهة.  

إلى متى ستظل الحيادية تتحكم في مصير الأجيال؟ سنة تذهب وأخرى تأتي والوضع كما هو لا يتغير شيء لأن الحيادية أصبحت غطاءً للتخاذل وأداة لتبرير الصمت عن الحق. قد يسكت الجميع عن باطل واضح ، ليس لأنهم لا يرونه بل لأنهم اختاروا أن يكونوا حياديين وكأنهم بذلك يعفون أنفسهم من المسؤولية.  

البلاد لا تحتاج إلى حيادية بل تحتاج إلى مواقف جادة وحازمة تحتاج إلى وقفة صادقة ضد كل ما يجري من فساد وظلم صغيرا كان أو كبيرا  لأن بناء دولة العدل والقانون لا يكون بالصمت بل بالمواجهة واتخاذ المواقف الواضحة.  

إن الحيادية هي النفاق بعينه فحينما تكون المواقف لا مع الحق ولا ضده فمع من تكون إذن؟ البلاد تنهار ونحن نقف متفرجين نمارس المجاملات والمصالح الضيقة بينما الحقيقة واضحة أمامنا، لكنها تحتاج إلى شجاعةٍ لمواجهتها .  

إذا أردنا حقًا بناء وطن قوي، فعلينا أن نتخلى عن الحيادية الزائفة، ونتخذ مواقف حقيقية، لأن التاريخ لا يذكر الصامتين، بل يخلد أصحاب المواقف.