عميد المدراء الأستاذ القدير محمد عبدالرب.. شخصية إدارية وتربوية استثنائية خلدها التاريخ التربوي

«شخصيات تربوية يتناولها منتدى القارة التربوي بيافع محافظة أبين»


المولد والنشأة
وُلد الأستاذ محمد حيدرة عبدالرب عام 1956م، والتحق بالمعلامة (الكُتَّاب) في سن السادسة من عمره عند الفقيه والعلامة المرحوم محسن سعيد جبران بن الهزة، طيب الله ثراه وأسكنه فسيح جناته، حيث تعلَّم القراءة والكتابة وتلاوة القرآن الكريم بالإضافة إلى أساسيات الحساب.

مسيرته التعليمية
التحق بالمدرسة النظامية عام 1967م بمدرسة خالد بن الوليد رخمة للمرحلة الابتدائية من الصف الأول إلى الصف السادس، وفي العام الدراسي 1971/1972م انتقل مع زملائه طلاب مدارس المديرية الغربية في محافظة أبين إلى المديرية الوسطى (لودر) لإكمال الفصل الثاني من الصف السادس بمدرسة عبود الإعدادية ليُتم بذلك المرحلة الابتدائية.

واصل تعليمه الإعدادي في العام الدراسي 1972/1973م حيث انتقل مع زملائه إلى مدينة الحصن، والتحق بمدرسة الشهيد كرف محمد يسلم الإعدادية، والتي ضمَّت طلاب مناطق الحصن وباتيس ويرامس والدرجاج والقرى المجاورة. كان من الطلاب المتفوقين الأوائل في المرحلة الإعدادية، وتخرَّج منها عام 1974/1975م.

الالتحاق بالوظيفة العامة والمهام الإدارية التي تولاها
التحق الأستاذ محمد حيدرة بالمرحلة الثانوية في جعار لكنه لم يكمل الفصل الأول بسبب النقص في الكوادر التعليمية في مدارس يافع، فتم تعيينه مدرساً في مدرسة الشعلة رخمة في 1 فبراير 1976م، وفي نفس العام عُيّن مندوباً نقابياً للمدرسة.

بتاريخ 1 سبتمبر 1976م عُيِّن مديراً لمدرسة الشعلة رخمة «والتي كانت تسمى حتى عام 1972م مدرسة خالد بن الوليد»، وكانت تضم عندما عُيّن مديراً لها 496 طالباً و252 طالبة في صفوف التعليم الابتدائي والصفين السابع والثامن (الإعدادي)، وكان طاقمها التدريسي مكوَّناً من 19 معلماً.

أستمر بإدارة المدرسة حتى عام 1979م ثم ذهب لأداء الخدمة العسكرية لمدة عامين وأعيد تعيينه مديراً لمدرسة الشعلة في العام الدراسي 1981/1982م لمدة أربع سنوات وتم تعيينه مديراً لنفس المدرسة للمرة الثالثة في العام الدراسي 1986/1987م، وفي هذا العام الدراسي تم تغيير اسم المدرسة إلى مدرسة الشهيد يسلم حسين سالم ومازالت بهذا الاسم حتى يومنا هذا، واستمر ثلاث سنوات في إدارة المدرسة، وتم تعيينه مديراً للمرة الرابعة في العام الدراسي 1990/1991م لمدة عامين، وفي العام الدراسي 1996/1997م أُعيد تعيينه للمرة الخامسة مديراً لنفس المدرسة لمدة عام.

أدار الأستاذ محمد حيدرة مدرسة رخمة في عهد نظام التعليم الابتدائي والإعدادي، ثم في عهد نظام التعليم الموحد ذات الصفوف الثمانية، ثم في عهد نظام التعليم الأساسي.

عمل خلال الأعوام من 1994م إلى 2000م ضمن فريق التوجيه الفني، ثم مسؤولاً للمنطقة التعليمية رخمة، وفي عام 2000م عُيّن مديراً لمدرسة مذبلة للتعليم الأساسي عندما استقلت عن المدرسة الأم رخمة وكانت وضعيتها من الصف الأول إلى الصف الرابع.

قاد الأستاذ محمد خلال عمله التربوي المبادرات الجماهيرية الشبابية والطلابية في مدرسة رخمة وخارجها، حيث عمل ومعه الطلاب والمعلمون على ترميم أرضيات وأسقف بعض الصفوف الدراسية بمادة الأسمنت، وترميم بعض الشبابيك، واستبدال بعض الأبواب من ميزانية الرسوم المدرسية المخصصة للمدرسة، ومن هذه النسبة كان يتم توفير ما تحتاجه المدرسة من المستلزمات المدرسية والقرطاسية، وتكريم المعلمين والطلاب والآباء والأمهات المثاليين المهتمين بتشجيع التعليم وتربية أبنائهم على الأخلاق الفاضلة.

تميَّز الأستاذ محمد بشخصيته القوية وإدارته الحازمة، وكان نشيطاً ومواظباً في العمل، وكان القدوة الحسنة للجميع في السلوك والأخلاق والانضباط، وكان يعامل المعلمين والطلاب بأسلوبه الإداري الناجح، وكان يفرض احترامه على الجميع، وكان صارماً في قراراته ويعامل الجميع بعدل وبالنظام والقانون دون محاباة لأحد، وهذا ما جعله يتميّز وينجح في مهامه الإدارية حتى ذاع صيته على مستوى جميع المناطق التعليمية، وكان يحظى باحترام كبير من قبل المعلمين والطلاب وأولياء الأمور وإدارة مكتب التربية والسلطة المحلية ومديري المدارس، ما أكسبه لقب "عميد المدراء" و"مدير المدراء" على مستوى المديرية.

من إنجازاته التربوية
• تشغيل المدرسة بنظام الفترتين:
نتيجة الكثافة الطلابية ونقص الصفوف الدراسية عمل الأستاذ محمد على تشغيل الدوام المدرسي في المدرسة على فترتين صباحية ومسائية وبنفس الطاقم المدرسي، وكانت تُحسب للمعلمين في الفترة المسائية آنذاك مبلغ نصف دينار (عشرة شلن) في كل حصة، وكان يدرس في الفترة الصباحية طلاب المناطق البعيدة التي كانت معتمدة بخطوط ترحيل الطلاب بواسطة عدة سيارات، بينما الفترة المسائية كان يدرس فيها طلاب المناطق القريبة «من الصف الأول إلى الصف الرابع». ونتيجة الكثافة الطلابية المتزايدة ونقص الصفوف الدراسية عمل الأستاذ محمد على فتح شعب فرعية في القرى البعيدة عن المدرسة وتابعة لإدارة مدرسة رخمة، وهذه الفروع هي: رهوة السوق، مقبل، سرحة، ومذبلة، وكان طلاب هذه الشعب يدرسون في مبانٍ خاصة بمنظمة لجان الدفاع الشعبي وتحت الخيم والأشجار لعدة سنوات.

• تأسيس عدة مدارس وفصلها عن المدرسة الأم رخمة:
عندما ازداد عدد الطلاب والمعلمين والشعب الدراسية التابعة لمدرسة رخمة في القرى البعيدة، أصبحت هذه الشعب مهيأة لتكون مدارس مستقلة بذاتها، حيث قام الأستاذ محمد حيدرة بالتنسيق مع مكتب التربية رصد لجعل هذه الشعب مدارس مستقلة عن مدرسة رخمة بإداراتها ومعلميها، وتشكلت فيها إدارات وهيئات تدريسية ومجالس آباء، وقامت إدارات تلك المدارس ومجالس الآباء بالمتابعة لاعتماد مبانٍ مدرسية وتم البناء خلال فترات مختلفة.

• إدخال التعليم الثانوي وفصل التعليم المختلط:
بعد التوسع في عدد المدارس في منطقة رخمة، عادت مدرسة رخمة للعمل بفترة صباحية تعليم أساسي وتعليم ثانوي، وقام الأستاذ محمد بالمطالبة ببناء مدرسة ثانوية في منطقة رخمة، وقام بالمتابعة في المحافظة، وساعده في ذلك مجموعة من أبناء المنطقة، منهم: المرحوم صالح يحيى عاطف، وصادق زين عقيل، وتشجيع من الأستاذ المرحوم حزام منصر عبدالرب، والأستاذ عبدالله محسن حسين، والأستاذ عبدالله محمد قاسم، وكان الدور الأكبر في مساعدته في المحافظة للأستاذ أحمد عوض علي، والمرحوم أحمد محمد ناصر، وباصم سعيد محمد، والأستاذ محمد أحمد البكري، والأستاذ عبدالله اليزيدي. وبعد اعتماد المبنى، تمت المتابعة بتأسيس التعليم الثانوي في المنطقة، وتم اعتماد التعليم الثانوي بإدارة وهيئة تدريس مستقلة عن التعليم الأساسي، ويرجع الفضل للأستاذ عادل أحمد شيخ مدير إدارة التوجيه الفني حينها في تأسيس التعليم الثانوي. وتم تعيين الأستاذ محمد حيدرة مديراً لثانوية رخمة، وظل مبنى التعليم الأساسي لمدرسة رخمة يشغل مدرستين: مدرسة التعليم الأساسي ومدرسة التعليم الثانوي، حتى تم استكمال مبنى الثانوية ونقلها إليه عام 1999م، حيث تم تخفيف الضغط على المدرسة الأم التي أصبحت خاصة بالبنين بعد أن تم إنشاء مدرسة البنات التي يرجع الفضل – بعد الله – لملاك الأرض، وللأخوين الأستاذين عادل أحمد شيخ مدير التربية، والأخ حسين صالح علي، وبعض الخيرين من أبناء المنطقة.

تطور التعليم وتوسع بشكل غير عادي في عهد الأستاذ محمد حيدرة عبدالرب في منطقة رخمة بفضل الخطة الحكيمة التي اتبعها في توزيع المدارس على الوحدات السكنية بحي رخمة، حيث أصبح عدد المدارس في منطقة رخمة عشر مدارس، منها مدرسة ثانوية للبنين ومدرسة للتعليم الأساسي والثانوية للبنات.

تم تعيين الأستاذ محمد حيدرة مديراً لمدرسة مذبلة عام 2000م، وظل هو ومدرسو المدرسة والطلاب يؤدون مهامهم تحت الخيام والأشجار، وبعد أن تم اعتماد المدرسة مستقلة باسم مدرسة معاذ بن جبل عمل على المتابعة باعتماد المبنى، وتعاون معه عدد من أبناء المنطقة الذين قاموا بجمع المبالغ النقدية للمتابعة ودفع مساهمة الأهالي، وكان للحاج محمد زين أبو غازي، والأستاذ زكي عوض شيخ، وإخوانهم المغتربين في دولة قطر دور بارز في جمع الأموال، وكان لملاك الأرض دور محوري في التنازل عن أملاكهم لصالح بناء المدرسة.

الأنشطة الجماهيرية والشبابية
شارك الأستاذ محمد حيدرة عبدالرب في أنشطة المنظمات الجماهيرية والشبابية، وشارك في حل العديد من المشاكل والخلافات داخل المنطقة، وطالب باعتماد وحدة سكنية في قرية مذبلة، وحصل على الموافقة باعتماد هذه الوحدة، وسميت حينها وحدة الشهيد يسلم طالب صالح مذبلة، وانتخب الأهالي رئيساً وأعضاء للوحدة السكنية، واستمرت فترة بحل مشاكل الأهالي وتقديم الخدمات.

تحصل الأستاذ محمد على العديد من الدورات التعليمية والتربوية لمناهج التعليم الموحد ودورات مديري المدارس في المحافظة والمديرية.

أشرف على تدريس محو الأمية وتعليم الكبار، حيث كان يشرف على المعلمين وطلاب الإعدادية ويوزعهم لتدريس صفوف محو الأمية، وساهم في الحملة الوطنية الشاملة لمحو الأمية وتعليم الكبار التي أقيمت في بداية الثمانينيات من القرن الماضي.

ظل الأستاذ محمد خلال سنوات خدمته محافظاً على الملكية العامة من مبانٍ وأثاث وكتب مدرسية، وعمل على تطوير العملية التربوية والتعليمية، حيث ظلت مدرسة رخمة مدرسة نموذجية على مستوى المحافظة، وتخرج منها العديد من الكوادر من أطباء ومهندسين ومدرسين جامعيين وقادة عسكريين والكثير من التخصصات الهامة التي تخدم الوطن في كافة المجالات.

التكريم والشهادات والميداليات التي حصل عليها
حصل الأستاذ محمد خلال خدمته على العديد من الشهادات التقديرية وميداليات المعلم النموذجي:
▪️ حصل على ميدالية المعلم النموذجي في العام الدراسي 1986/1987م من وزارة التربية والتعليم، موقعة من وزير التربية والتعليم الدكتور أبو بكر سالم باسلم.
▪️ حصل على شهادة تقديرية وميدالية على مشاركته بفعالية في تنفيذ البرنامج التعليمي والثقافي للحملة الوطنية الشاملة لاستكمال تصفية الأمية، وذلك تقديراً لتحمله مهمة رئيس فريق في أحد وحدات فرق النضال ضد الأمية بمحافظة أبين، مذيلة بتوقيع رئيس لجنة الحملة الوطنية الشاملة لمحو الأمية وتعليم الكبار بالمحافظة محمد علي أحمد محافظ المحافظة في 6 يناير 1985م.
▪️ حصل على شهادة تقديرية في يوم المعلم في العام الدراسي 2010/2011م، تقديراً وعرفاناً بدوره الريادي وعطائه المتميز في الإدارة المدرسية، موقعة من وزير التربية والتعليم ورئيس اللجنة العليا للاحتفال بيوم المعلم الدكتور عبدالسلام الجوفي، والأستاذ محمد هادي طواف وكيل الوزارة لقطاع التعليم.
▪️ حصل على العديد من الشهادات التقديرية السنوية أثناء إدارة مدرستي رخمة ومذبلة من المديرية والمحافظة.
▪️ حصل على العديد من الشهادات التقديرية من الفعاليات والأنشطة الجماهيرية الأخرى.

أُحيل الأستاذ محمد حيدرة للتقاعد عام 2011م بعد خدمة استمرت 37 عاماً ونصف، دون أن يُمنح كافة حقوقه من تسويات وعلاوات.
نسأل الله الصحة والعافية وطول العمر للأستاذ القدير محمد حيدرة عبدالرب.