لم يتغير شيء سوى الأرقام والغلاء ما زال يصرع المواطن

في زحمة الارقام المتغيرة وفي ظل تقلبات السوق يبقى المواطن هو الضحية الاولى والاخيرة فرغم ان العملة الاجنبية قد هبطت امام العملة المحلية بنسبة تقارب خمسة واربعين في المئة الا ان الاسعار في الاسواق لم تشهد الانخفاض المتوقع بل ظلت على حالها وكأن شيئا لم يتغير سوى الارقام في نشرات الصرف.

السلطات المحلية لم تقف مكتوفة الايدي فقد كثفت من بياناتها وزياراتها الميدانية للمحلات التجارية مطالبة بتخفيض الاسعار بما يتناسب مع تراجع سعر الصرف سعيا لتحقيق استقرار معيشي يخفف من وطأة الغلاء على المواطن لكن هذه الجهود رغم اهميتها لم تلق التفاعل المطلوب من كثير من التجار وبائعي السلع الذين اكتفوا بتخفيضات هامشية لا تتجاوز خمسة عشر في المئة في افضل الاحوال.

تعلل التجار بان بضاعتهم تم شراؤها سابقا بالعملة الصعبة متناسين ان كثيرا منهم قد باعوا في وقت سابق سلعا باسعار مرتفعة رغم انهم اشتروها حينها بسعر صرف منخفض فالمعادلة لا تحسب من طرف واحد والمكاسب التي جنيت في فترات ارتفاع العملة لا تذكر حين يطلب منهم تخفيض الاسعار في فترات الهبوط.

ان ما ينقص بعض التجار اليوم ليس فقط الحس الوطني بل الصحوة الدينية التي تردعهم عن ظلم الناس واحتكار السلع بحجج واهية فليتقوا الله في ارزاق الناس فان الخسارة التي يخشونها في المال لا تقارن بالخسارة امام الله حين يظلم المواطن البسيط ويثقل كاهله باسعار لا ترحم.

الربح المشروع لا يعارضه احد لكن الجشع الذي يتغذى على معاناة الناس لا يبرره دين ولا ضمير فالتجارة ليست فقط بيعا وشراء بل مسؤولية اخلاقية واجتماعية ومن لا يراعي ذلك فقد خسر قبل ان يربح.