نون النسوة.. يرفعن الصوت عاليًا في عدن
في مساء لم يكن عاديًا بل كان ساخن كسخونة مدينة عدن، خرجت نساء مدينة عدن كما لم يخرجن من قبل لا مهرجان ولا احتفال بل صرخة حرة من قلوب تعبت، وأفواه لم يعد في داخلها إلا الألم والحسرة، ومن وجوه لفحتها شمس القهر وطول الانتظار طويل، خرجن من بين الأحياء لا فرق بين أم وأخت وكبيرة وصغيرة، الكل خرج يحمل مطلبًا واحدًا (نريد أن نعيش بكرامة كفى ذل كفى صبر).
ما أعظم هذا المشهد وأنت تشاهد تلك الجموع الغفيرة وهي تلبي النداء، وما أصدق تلك الأصوات التي ارتفعت وهي تطالب لأبسط الحقوق
"كهرباء وماء "،
هتافات وشعارات ليست سياسية ولا حزبية بل خلاصة سنين من الوجع الذي صبرنا عليه كثيرًا.
خرجت النساء لتقول بأن الكرامة ليست شعارًا بل حياة، خرجن ليقلن إن الخدمات من صحة وتعليم وكهرباء وماء ليست ترفًا بل حقٌ مكتسب، وإن الجوع لا يعرف السياسة وإن الألم لا يصطف خلف لون حزبي، خرجن ليقلن إن ما نعيشه ليس قدرًا بل نتيجة وإن من ترك الشعب يتعفن في الظلام ولهيب الحر لا يستحق أن يحكمه سوى كان شرعي أو انتقالي.
ما حدث في عدن ليلة أمس كان مشهدًا يليق بالتاريخ مشهدًا نقيًا لا تشوبه السياسة ولا تفسده الشعارات، مشهدًا قالت فيه المرأة اليمنية كلمتها بوضوح نيابة عن الشعب كله ونيابة عن الفقير والمعلم والمريض والموظف الذي لا راتب له، عن الطالبة التي تدرس بلا كهرباء والمريض الذي ينام بلا دواء.
ولأن المشهد كان نقيًا وصادقًا فإن الإعلام النزيه يجب أن يحترمه لا أن يحرفه أو يوجهه حيث يشاء لمصلحته، لا يجوز لأي إعلامي أو ناشط أو جهة أن تفرغ هذه الصرخة من معناها أو تحوّلها إلى مادة للتهجم أو التجاذب السياسي.
فلتكن هذه الصرخة بداية.. بداية لاستعادة الحقوق لا لتبادل الاتهامات
ولتعلموا أن كرامة الناس خط أحمر، وأن من يستهين بصوت المرأة الحرة لا يعرف شيئًا عن الوطن، فهل من آذان صاغية تسمع اولًا ثم تلبي متطلباتهن!!
ليبقى التساؤل متى يخرج الرجال ويكملوا ما بدأن به الحرارئر الماجدات؟!