"أرحل"... الكلمة التي لا تُقال عبثاً

كلمة من أربعة أحرف، لكنها تهزّ كيان الإنسان والأسرة والمجتمع. "أرحل"... هل فكرت يومًا في عمق هذه الكلمة؟ في وقعها على النفس؟ في معانيها التي لا تتوقف عند حدود الصوت، بل تمتد لتصبح زلزالًا يخلخل كل استقرار؟

الرحيل ليس مجرد حركة، بل هو اقتلاع. فحين يُقال "ارحل" لأبٍ، لأمٍ، لابنٍ... فإن الأسرة بأكملها ترتجف. تُصاب بالارتباك، تُعاد هندسة المشاعر، ويصبح الفراغ ضيفًا ثقيلاً على تفاصيل الحياة. فالرحيل هنا ليس فقط بالموت، بل بالخذلان، بالانفصال، أو حتى بالهروب من الواقع.

أما على مستوى المجتمعات، فقد سمعنا هذه الكلمة تتردّد في الميادين... "ارحل"، فتهاوت أنظمة، وسقطت حكومات، لكنها جرّت خلفها عواصف لم تهدأ إلى اليوم. ففي بعض البلدان، لم يكن الرحيل مجرد بداية للحرية، بل تحوّل إلى بوابة للفوضى والانقسام. لا تزال الشعوب تدفع ثمن كلمة قيلت في لحظة غضب أو توق للنجاة، لكنها لم تُحسب بعواقبها.

الرحيل يعني الترك، والترك قد يكون بلا عودة. وقد يكون وجعًا لا يُشفى، وجرحًا لا يندمل. والإنسان بطبعه لا يتقبل الفقد بسهولة، لأن في الرحيل خسارة، وفي الخسارة درس قاسٍ لا ينجو منه القلب إلا مثقلاً بالحنين.

فلننتبه قبل أن نقول "ارحل". لأن بعض الكلمات ليست كغيرها، وبعض الرحيل لا يُعوّض، وبعض الاستقرار لا يعود بعد أن يُكسر.