العيد.. والراتب الغائب والتيار الهارب

بينما ترتفع درجات الحرارة إلى مستويات تصهر النوايا قبل المعادن، وتستعد المدن والقرى لاستقبال عيد الأضحى بزينة باهتة وإضاءة من شموع الحاجة، يغيب الراتب كضيف لم تُرسل له دعوة، ويختفي التيار الكهربائي كأنه في إجازة طوعية.

لا رواتب تُصرف، لا كهرباء تُشغّل، والحرارة تطرق الأبواب بلا استئذان، حاملة معها رسالة مفادها: "العيش في هذا الوطن يحتاج إلى قدرة تحمّل تفوق قدرات أجهزة التكييف نفسها".

ومع ذلك، نحن هنا. لا نزال نبتسم – أو نحاول على الأقل نُحضّر ما استطعنا من تجهيزات للعيد، ونُربّت على أكتاف بعضنا البعض، وكأننا نقول: "إذا لم يأتِ الفرج من فوق، فلنصنعه من الداخل".

قد لا نملك رفاهية الكهرباء، لكننا نملك دفء العلاقات. وقد لا تصلنا الرواتب، لكن قلوبنا لا تزال تنبض بالكرامة. صحيح أن كل شيء يبدو ضدنا، لكننا ما زلنا نزرع الأمل، ونخبز الصبر على نار شموعنا، ونجهز أضحيتنا بما تبقى من نِكاتنا.

لذا، لا تفقد إيمانك. العيد ليس فقط لحماً وثوباً جديداً.. العيد في سلام القلب، في كلمة طيبة، في ضحكة طفل تُشعل فرحة لا يستطيع انقطاع الكهرباء إطفاءها.

وإن كنا اليوم بلا راتب، بلا تيار، فغداً وربما ليس غداً بالضبط، لكن قريباً سنكون أصحاب قرار، لا ضحايا تأجيلات.

عيدكم صبر، عيدكم نور حتى لو كان من شمعة.