الجهل العدو الأول لليمنيين

يُعد الجهل من أخطر الأوبئة التي ابتُلي بها الشعب اليمني، وقد كان ولا يزال العدو الأول لليمنيين، لما له من تأثير مدمر على وعي الناس، وخياراتهم، وتوجهاتهم السياسية والاجتماعية. وقد تجلّت نتائج هذا الجهل بشكل واضح في تعامل كثير من أبناء الشعب اليمني، خاصة القاطنين في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات الحوثية، مع هذه الجماعة الانقلابية.

إن كثيراً من المواطنين، بسبب الجهل وقلة الوعي، ما زالوا يعتقدون أن الحوثيين جماعة دينية تنتمي لآل البيت، وأنهم يقاتلون دفاعًاً عن الوطن وعن القضايا العادلة مثل القضية الفلسطينية، ويقفون ضد التدخلات الخارجية. لكن الحقيقة الصادمة أن هذه الجماعة ما هي إلا أداة تدمير داخلي، تتاجر بالشعارات الدينية والسياسية لتبرير جرائمها بحق اليمن واليمنيين، بينما تمارس القتل والنهب وتدمير مؤسسات الدولة، وتسعى بكل وسيلة لترسيخ حكمها الطائفي والسلالي بالقوة والإرهاب.

ولا يقتصر تأثير الجهل على مناطق سيطرة الحوثيين، بل يمتد إلى معسكر الشرعية أيضاً. فكثير من قيادات الشرعية وفصائلها السياسية والعسكرية، وأتباعهم ومعهم الكثير من الإعلاميين ما زالوا غارقين في الصراعات الجانبية، والتخوين، والتشكيك، بدلاً من توحيد الصفوف وتوجيه الجهود نحو استعادة الدولة وإنقاذ الوطن. هذا الانقسام لا يخدم سوى أعداء اليمن، ويكرس حالة من التيه والضعف، سببها الرئيسي هو الجهل بالمرحلة ومتطلباتها.

أما المواطن العادي، فالكثير منهم وللأسف لا يدركون مصالحهم الحقيقية، ويقعون في فخ تأييد الفاسدين ومحاربة الوطنيين المخلصين، بل ويعترضون على الأصوات التي تطالب بحقوقهم المشروعة، مثل الكهرباء والماء والرواتب والخدمات الأساسية، بسبب التأثير الإعلامي المضلل أو الولاءات العمياء أو ببساطة نتيجة للجهل.

إن الجهل هو العدو الأول لليمنيين، لأنه العدو الخفي الذي يتغلغل في العقول، ويمنعها من رؤية الحقائق، ويجعل الناس أدوات بيد من يعبث بمصيرهم. هو الذي يجعل المواطن يقف في صف المجرم، ويهاجم من يسعى لخلاصه. لذلك، فإن معركتنا الحقيقية يجب أن تكون ضد هذا الجهل، بنشر الوعي، والتعليم، والحقيقة، لأنها السلاح الأقوى في وجه المليشيات والفاسدين والمتاجرين بالوطن.