فتح طريق عدن - صنعاء.. مبادرة إنسانية تكشف عظمة الجنوب وصلابة قيادته 

في زمن تتقاطع فيه المعاناة بالخذلان، وتغيب فيه المبادئ خلف دخان المدافع، يخرج الجنوب، بقيادته الحكيمة، بموقف أخلاقي وإنساني سام، حين وافق على فتح الطريق بين عدن وصنعاء، ليس خضوعًا ولا ضعفًا، بل من موقع القوة، والإحساس العميق بمسؤولية وطنية تجاه شعب يعاني، حتى وإن كان هذا الشعب واقعًا تحت قبضة عدو لا يعرف للرحمة سبيلاً.

لقد جاء القرار الجنوبي بفتح الطريق كموقف يتجاوز الحسابات الضيقة، موقف ينتمي إلى أخلاق الكبار وعظمة الرجال، قيادةً وشعبًا، فبينما تتشدق جماعة الحوثي بشعارات كاذبة وتستغل جراح الناس كورقة حرب، كان الجنوب هو من يمد يده، ويضع على الطاولة مبادرة حقيقية تُخفف من آلام آلاف المرضى والمسافرين، الذين طالهم الحصار الحوثي الجائر، فباتت الطرق إليهم مغلقة إلّا من أبواب الجنوب.

وإلى من يظن أن في هذا القرار مخاطرة، نقول: نعم، الجنوب يدرك حجم التحديات، ويعرف نوايا الحوثي الخبيثة، لكنه لا يهرب من الواجب، بل يواجهه بشجاعة، واضعًا شروطه، ومشترطًا الضمانات الدولية، ومؤكدًا أن هذه المبادرة الإنسانية لن تكون ممرًا للاعتداء، بل جسراً للسلام، ومن يحاول استغلالها للحرب، فسيجد أمامه جدارًا من نار، وقوة لا تساوم على أمن الوطن.

وبالتالي الجنوب لم يفتح الطريق من منطلق ضعف، بل من موقع أخلاقي نابع من قيمه الإنسانية، فقيادته، ممثلةً بالرئيس القائد عيدروس الزُبيدي، لم تضع شعب الشمال أمام معاناة جديدة، رغم كل ما تعرض له الجنوب من خيانة وغدر وتحريض، بل أثبتت للعالم أن الجنوب شعب نبيل، لا يبادل القسوة بالقسوة، لكنه يعرف متى يلين ومتى يضرب.

وفي حال أستغل الحوثي استخدام الطريق لأغراض عسكرية، فلن يكون الرد الجنوبي مجرد إغلاق للطريق، بل سيكون عقابًا بحجم الجريمة، ولن يجد حينها من يلوم الجنوب الذي لم يُقصّر في مد يده للسلام، لكنه لن يسمح أبدًا أن يُستغل كرمه لتمرير الخيانة.

اليوم، على أبناء الشمال أن يعرفوا الحقيقة: أن الجنوب لا يُغلق الأبواب، لكنه لا يسمح بأن تُكسر أبوابه بالقوة. وأنه ما زال يتعامل بضمير حي تجاه شعب شقيق، رغم أن قيوده مكبّلة بسلاسل الحوثي. أما الإعلام المأجور، الذي يروّج لبطولات مزيفة لجماعة تمتهن القتل، فلن يفلح في تزوير الوعي، فالشعوب تعرف من يمد يده للسلام، ومن يشهر خنجره خلف الابتسامة.

وفي النهاية، الجنوب لم يفتح طريقًا فقط، بل فتح بابًا للتاريخ ليدوّن موقفًا نبيلاً، سيظل شاهداً على أن في هذا الوطن رجال، حين تعصف الحروب، يصنعون من القيم سلاحًا، ومن الإنسانية قرارًا، لا يعرف الانكسار.