مقال علمي: أزمة المياه في اليمن - التحديات والحلول

قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الـمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} (الأنبياء: 30). تُعدُّ أزمة المياه من أبرز التحديات التي تواجه الإنسان اليمني في العصر الحالي، نظراً للأهمية الحيوية للماء في استمرار الحياة. فالماء هو عصب التنمية، وبدونه تتعثر مسيرة التقدم في أي مجتمع. في اليمن، تفاقمت هذه الأزمة بسبب عوامل طبيعية وبشرية، مما يستدعي دراسة معمقة لوضع الحلول المناسبة.  
 الأسباب الرئيسية لأزمة المياه في اليمن:
تعود مشكلة المياه في اليمن إلى أسباب متعددة، منها:  

1.  العوامل الطبيعية:
   - ندرة تساقط الأمطار في بعض المناطق لعدة سنوات متتالية، مما يؤدي إلى الجفاف.  
   - التغيرات المناخية التي أثرت على معدلات هطول الأمطار.  

2.  الممارسات البشرية الخاطئة:
   - الحفر العشوائي للآبار الجوفية، مما يؤدي إلى استنزاف المخزون المائي.  
   - الإفراط في ري المحاصيل، وخاصة القات، الذي يستهلك كميات هائلة من المياه.  
   - غياب السدود والحواجز المائية التي تحفظ مياه الأمطار وتقلل من هدرها.  
   - عدم وجود استراتيجية وطنية فعالة لإدارة الموارد المائية.  

لتفاوت الجغرافي في توزيع الأزمة:
تختلف حدّة أزمة المياه بين المناطق الحضرية والريفية في اليمن:  

-  في المناطق الحضرية:  تكون المشكلة أقل حدة نسبياً بسبب وجود بنية تحتية جزئية ومقرات حكومية تعمل على تخفيف الأزمة.  
-  في المناطق الريفية: تتفاقم الأزمة بسبب شحّ الموارد وغياب البنية التحتية، مما يجعل السكان يعتمدون على مصادر محدودة وغير مستدامة.  
الوضع في المحافظات الجنوبية:
شهدت المحافظات الجنوبية تحسناً ملحوظاً في إمدادات المياه خلال فترة الاستعمار البريطاني وبعده، بفضل البنية التحتية التي تم إنشاؤها والتخطيط الجيد. إلا أن هذه المكاسب تراجعت بعد حرب 1994، وخاصة في العاصمة عدن، حيث عادت أزمة المياه لتظهر من جديد.  

تأثير الحرب والنزوح على أزمة المياه:
أدت الحرب التي اندلعت في 2015 إلى تفاقم الأزمة، وخاصة في المناطق التي تشهد صراعات مباشرة مثل عدن. ومن أبرز العوامل التي زادت من حدّة المشكلة:  

- تدفق النازحين من المناطق الأخرى، مما زاد الضغط على الموارد المحدودة.  
- فساد الأجهزة المسؤولة عن إدارة المياه.  
- عدم التزام بعض المواطنين بدفع رسوم الخدمات.  
- تحويل قضية المياه إلى ورقة ضغط سياسية، كما حدث مع أزمة الكهرباء.  

واقع مأساوي في عدن:
في مديريات مثل المعلا وكريتر والتواهي، والتي كانت تتمتع ببنية تحتية متطورة منذ عهد الاستعمار، أصبح المواطنون يعانون من انقطاع المياه لعدة أيام، ولا يحصلون عليها إلا لبضع ساعات محدودة. وفي ظل انقطاع الكهرباء، يصبح الحصول على الماء مهمة شاقة تتطلب جهداً كبيراً.  

تحذيرات دولية خطيرة:
حذرت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) من أن اليمن قد يفقد موارده المائية بالكامل خلال السنوات الست المقبلة إذا استمر الاستنزاف الجائر للمياه الجوفية. وأكد تقرير للبنك الدولي أن الوصول إلى المياه النظيفة أصبح أكثر صعوبة منذ بداية الحرب، مما يهدد بكارثة إنسانية.  

الخاتمة والحلول المقترحة:
لحل هذه الأزمة، لا بد من اتخاذ إجراءات عاجلة، منها:  
- تنفيذ مشاريع حصاد مياه الأمطار وإنشاء السدود.  
- فرض قوانين صارمة لمنع الحفر العشوائي للآبار.  
- التوعية بترشيد استهلاك المياه، خاصة في الزراعة.  
- مكافحة الفساد في مؤسسات إدارة المياه.  
- تعزيز التعاون مع المنظمات الدولية لتنفيذ مشاريع مستدامة.  

فأزمة المياه في اليمن ليست مشكلة محلية فحسب، بل هي قضية وجودية تحتاج إلى تضافر الجهود لإنقاذ ما تبقى من موارد المياه قبل فوات الأوان.  
أحمد موسى 
عضو مؤسس في الرابطة الإعلاميين والصحفيين الجنوبيين .