حينما تراجع التعليم... لم يتحرك أحد...
قبل أربع سنوات، عندما بدأ التعليم في الانهيار، لم يخرج أحد ليطالب بحقه في المعرفة، لم يكن هناك احتجاجات، تهز الشوارع، ولا أصوات غاضبة تطالب الحكومات بإصلاح ما تلفه الاهمال . المدارس بدأت تغلق أبوابها، المناهج أصبحت أكثر سطحية، والطلاب فقدوا الدافع، ومع ذلك، كان الصمت سيد الموقف. من مجتمع يبحث عن خدمات الرفاهية حتى ان التعليم الذي هو الاساس، لم يرتفع الى مستوى الرفاهية للمطالبة بحقه.
لكن عندما غابت الكهرباء لساعاتٍ، خرج الرجال والنساء والأطفال وامتلات الشوارع ليل نهار ، صرخوا بأعلى أصواتهم، طالبوا الحكومة بالتدخل الفوري، لأن الظلام لا يُحتمل. لم يُدركوا حينها أن هناك ظلامًا آخر، أكثر خطورة، لم يثيروا بشأنه نفس الضجة، ظلام الجهل الذي يتسلل ببطء لكنه يُلقي بظلاله لعقود طويلة.
المفارقة الكبرى كانت حينما دعاهم المعلم وأخبرهم أن التعليم لن يكون متاحًا للجميع بعد الآن، وأنه سيتحول إلى خدمةٍ مقابل المال. عندها فقط بدأ البعض يتساءل، هل سيصبح العلم امتيازًا وليس حقًا؟ هل سيُحرم الأطفال من المعرفة كما يُحرمون من الكهرباء؟ لماذا لم يكن التعليم، الذي هو النور الحقيقي، ضمن أولويات الدفاع عنه؟
هذه المواقف تطرح أسئلة جوهرية حول ما يراه الناس ضروريًا وما يعتبرونه كماليًا. هل يُدركون أن بغياب التعليم، يغيب المستقبل؟ أن الأمم لا تُبنى على المصابيح الكهربائية، بل على العقول المستنيرة؟
يجب أن يكون التعليم في مقدمة المطالب، يجب أن نُدرك أن فقدانه هو أزمة حقيقية تتجاوز أي انقطاعٍ في الخدمات الأخرى، لأنه الأساس لكل شيء آخر. فمتى سنخرج مطالبين بحقنا في المعرفة، قبل أن يُصبح امتيازًا لا يملكه إلا القليل؟