عن الشهيد طماح اتحدث
التاريخ وقفةٌ يكتب فيها بحروفٍ من نور ملامح الرجال الذين تقدّموا الصفوف في لحظات العطاء والتضحية، من أجل شرف الوطن وكرامته. كان الشهيد محمد صالح طماح أحد هؤلاء الرجال، حيث خطّ اسمه في سجل الخالدين، واحتلّ مكانةً عاليةً في سجل النضال الوطني.
طال العمر أو قصر، ستنكشف في النهاية حقائق مقتل طماح، ولديّ إحساس قوي أن القتلة لن يفلتوا من العدالة بعد استكمال التحقيقات التي ستدينهم.
لقد جمع طماح بين الواقعية في النضال، والصدق والأمانة في التعامل مع الرفاق. لكنهم غدروا به. عرفته لفترة قصيرة في عام 1994، ثم التقيته لاحقًا في الغربة، فكان خير مثالٍ على القيادة المخلصة؛ بل كان أفضل من كل قيادات الحراك حينها بطرحه الصادق والأمين.
انقطع التواصل بيننا قبل الحرب الأخيرة، لكنه ترك أثرًا طيبًا في نفسي. قلتُ للكثيرين من أصدقائي إن طماح سيكون ضحية مؤامرة من رفاقه، خاصة بعد أن ذهب إلى لبنان. قبل الحراك لم يكن معروفًا في اليمن، لكنه صنع لنفسه مكانةً مرموقة من خلال تصديه لدعوات المناطقية داخل الحراك، إذ جمع بين المعارف العسكرية والسياسية والاجتماعية، وتمتّع بشخصية اجتماعية من الطراز الرفيع، إلى جانب مزايا عديدة أخرى.
كان الشهيد محمد صالح طماح متعدد المواهب: في الخطابة، والخيال، والإبداع في الثقافة والأدب. جمع بين القيادة والزعامة، ورأيناه منقذًا للحراك من التخبط والفوضى، خاصةً حين لعب دورًا محوريًا في حلقات التصالح والتسامح.
كان مظهره جسورًا وصلبًا، جمع بين الشجاعة والتحدي في مزيجٍ نادرٍ لا يجمعه إلا القلّة من القادة العظام.
أما التحدي عنده، فلم يكن تهوّرًا، ولم يضحِّ دون أمل في النصر، بل كان واثقًا بأن التضحية طريقٌ للوطن، وأن النصر آتٍ لا محالة.