بين جوع البطون وفقر الإيمان... مفارقات تُبكي القلب
بقلم: صفاء المليح
في هذه الأيام المباركة، التي تتنزل فيها الرحمات وتُفتح فيها أبواب السماء، يلفت النظر مشهد موجع ومتكرر: ارتفاع كبير في درجات الحرارة، وأمراض تفتك بالأجساد، من حمى وإسهالات وأوبئة تتنقل بين الأطفال والكبار، وكأن الطبيعة نفسها تصرخ من شدة المعاناة.
لكن ما يزيد القلب ألمًا أن هذا الوباء لا يأتي من فراغ، بل من واقعٍ معيشيّ مرير: غلاء خانق، انعدام رواتب، وقلّة في الغذاء، حتى أصبح الجوع ضيفًا دائمًا على موائد الفقراء، والمناعة تنهار كما تنهار أحلامهم في ظل غياب أبسط مقومات الحياة.
ومع هذا كله، نُفاجأ بمفارقة غريبة: الأسواق مزدحمة!
نعم، وسط هذا الفقر والجوع والمرض، الناس تتزاحم على أبواب المحلات وكأننا نعيش في رخاء!
قد يكون البعض مضطرًا للشراء، وقد يكون الآخر مدفوعًا بعادة أو غفلة. لكن الأكيد أن هناك خللًا في أولوياتنا، وانفصامًا في وعينا الجمعي، وكأننا نحاول الهروب من واقعنا المؤلم بالتكدس خلف عربات التسوّق.
هذه المفارقة تستحق وقفة.
هل أصبح الاستهلاك عادة نُداوي بها القلق؟
هل نسينا أن البلاء لا يُرفع إلا بالرجوع إلى الله، وبالتكافل، والاعتدال، والدعاء؟
إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فربما هذا الحر، وهذا الجوع، وتلك الأمراض، ما هي إلا نداء من السماء لنعيد ترتيب ذواتنا، ونتأمل في حال قلوبنا، قبل بطوننا.
فليكن دعاؤنا في هذه الأيام:
اللهم ارحم ضعفنا، واشفِ مرضانا، وارزق جائعنا، واغفر غفلتنا، وبدّل حالنا إلى خير حال، إنك على كل شيء قدير.