كيف حصلت إيران على الوثائق النووية الإسرائيلية ؟
نظرا لأهمية العنوان ومكانته ونتيجة لرغبتنا في إشباع فضول القراء بوضعهم في صورة ما حدث فإننا ستناول الموضوع من خلال ثلاثة محاور :
المحور الأول :
التأسيس ..
بداية ينبغي أن نعرج على المقدمات الفعلية لنقطف من خلالها النتائج المرجوة .
فمما لا ينبغي إغفاله هو ما قامت به بريطانيا كمنتصر في الحربين العالميتين الأولى والثانية ما قامت به كنتيجة من تمزيق وتفتيت الدول والقوميات من حول إيران .
فمن الشرق والشمال الشرقي تم تقسيم القارة الهندية إلى ثلاث دول (الهند ، باكستان ، بنجلاديش) مع الإبقاء على كشمير موضع نزاع حاد كقنبلة موقوتة قابلة للانفجار بأي لحظة .
في حين تم تفتيت وتقطيع الدولة العثمانية في الاتجاه الشمالي والغربي لإيران .
أما العرب فلم تكتف بريطانيا بتفتيتهم وتمزيقهم وزرع قنابل موقوتة جغرافية وفكرية في أوساطهم ! بل زرعت غدة سرطانية تفصل الجسد العربي الواحد كعاهة مستدامة .
في حين كان الوضع مختلف بالنسبة لإيران حيث لم تكتف بريطانيا بالحفاظ على سلامة جغرافية إيران بل أضافت إليها وضمت لها مساحات كبيرة جدا كالأقاليم البلوشية والخرزية والتركمانية وبخصوص العرب فقد ضمت بريطانيا لإيران عدد من المساحات (الصافية العروبة) كإقليمي الأحواز وعربستان بالإضافة لعدد من الجزر بالخليج العربي أبرزها (طنب الكبرى ، طنب الصغرى) وليس ذلك فحسب ! بل ومنحتها مضيق العرب وأثبتته في وثائق الاستقلال باسم مضيق (هرمز) في تذكير برمزية الهرمزان وناره التي أطفأها العرب !
المحور الثاني :
التوظيف الغربي ومراحله ..
مرت إيران بمراحل من التوظيف الآتية :
المرحلة لأولى / وهي الممتدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى نهاية عقد السبعينيات من القرن المنصرم وهي مرحلة ترويض وتغريب وتوظيف ضد المعسكر الشرقي .
المرحلة الثانية / وهي الممتدة من نهاية سبعينيات إلى مطلع تسعينيات القرن المنصرم حيث تُوّجت حينها جهود الغرب في سعيهم لإجهاض المشروع القومي العربي تُوجهت بتوقيع اتفاق سلام بين مصر والكيان الصهيوني بعد سلسلة مؤامرات ومكائد وحروب تولى كِبَرها الصهاينة ضد مصر كدولة ومشروع عربي لكن المشروع العربي بقي ممثلا برأس أخرى هي العراق وهو الأمر الذي تطلب تكليف إيران بالتعامل معه بأساليب أقذر من تلك التي سُلطت على مصر حيث فُرض وكُلف الخميني من مقر إقامته بباريس للسطو على ثورة الشعب الإيراني والشروع في الحرب على العراق خاصة مع تبني تصدير الثورة والمتاجرة بالشعارات استهدافا للعرب عموما لسد الفراغ العاطفي الذي خلّفه سقوط حلم العرب القومي الذي مثلته مصر .
المرحلة الثالثة / وهي الممتدة من مطلع تسعينيات القرن المنصرم إلى مطلع الألفية الثالثة وهي المرحلة التي تفرغت فيها إيران للعمل الفكري والمخابراتي ضد العرب وحققت النقاط الآتية :
-بنت أذرعها في العديد من الأقطار العربية
-إقناع الأمريكان بامتلاك العراق لأسلحة دمار شامل واتخاذها ذريعة للغزو الأمريكي
-استلام العراق من الأمريكان كمكافأة ومن ثم تدمير بنيته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتاريخية وقتل وتهجير وتعذيب الملايين وسرقة الثروات وارتكاب الفضائع ونشر الذائل والموبقات
-استطاعت إلصاق الإرهاب بالعرب السنة
-قدمت نفسها للأمريكان كشريك مخلص في محاربة الإرهاب .
المرحلة الرابعة / وهي الممتدة على مدار العشرين سنة الماضية من حاضرنا هذا حيث أسندت لإيران مهمة السيطرة على عدد من الدول العربية ونشر الفوضى والحروب بطابع طائفي وتدمير الأخضر واليابس وكان السكوت على ذلك ومباركته غربيا هو المكافأة للولي الفقيه وبلاطه .
المرحلة الخامسة / وهي التي يتم تدشينها الآن :
فبعد أن أدت إيران أدوارها المنوطة بها تجاه العرب على أكمل وجه !
فإن الدور المطلوب منها حاليا هو عزلها وسلخها عن الصين نظرا لأهميتها في هذا الصراع من النواحي الجيوسياسية والاستراتيجية والاقتصادية والعسكرية والحروب الكونية وصدام الحضارات .
ونظرا لاعتبار الصراع مع الصين هو أول أولويات الأمريكي .
و بما أن الموقف المطلوب من إيران في هذه المرحلة يقتضي ثمنا مناسبا ومكافأة قَيِّمة وبالطبع تعويضا معنويا وماديا مقابل ما تعرضت له أذرعها من صدمات وخسارات في البلاد العربية .
المحور الثالث :
الخلاصة ..
تتمثل الخلاصة في : أنه وبدل أن تذهب إسرائيل والوكالة الدولية بالوثائق النووية المنتهية صلاحيتها إلى مقصلة الاتلاف آثرت (السي إي آي) وعن طريق الدوحة ومسقط آثرت أن تُسَلم هذه الوثائق لإيران كثمن ومكافأة وكمحفزات تحفظ هيبتها وتحقن بها أتباعها وتناور بها .
وقد رُسمت بخصوص ذلك للولي الفقيه حدود المناورة وكيفية التوظيف وماهية النتيجة المرتقبة .
بقي السؤال :
أكووو عرب ؟ !