الشرق الاوسط والخطوط الحُمر

بقلم/ حسين سالم السليماني الحنشي 

معركة تكسير العظام بين قطبي الشرق الأوسط الجديد ـ إيران، إسرائيل ومن خلفها الغرب ـ هي تغيير الشرق الأوسط الجديد، وهي معركة لابد منها في تكسير العظام والمفاصل... وهذه المعركة فيها الأطراف المتصارعة، نكون أو لانكون، فاليهود لم يدخلوها إلا بحبل من الناس، وتأييد دولي مطلق يؤيدها ويصونها، وإن كانت تلك الحرب مؤلمة لها، فعليها التحمل؛ لأنها أنشئت لذلك، ولن يتركها الغرب في اللحظات الصعبة، فالغرب وعلى رأسهم، فرنسا وألمانيا بل وبريطانيا وأمريكا، متواجدة على مدار الساعة على تخوم إيران، في البحار وفي الأجواء، لحماية إسرائيل، فإسرائيل من ولادتها وخلفها الغرب، وهو من أسسها في المنطقة، بعد خروجهم الشكلي من المنطقة، وترحكوا خلفها حكام يعملون لحمايتها، ويخضعون لكل ما تطلبه إسرائيل منهم، وللأسف إن هؤلاء الحكام هم أيضاً زراعة غربية تقوم بحماية مصالح الغرب وهم كذلك يعملان جنبا إلى جنب مع الكيان الغاصب لأرض فلسطين، في محاربة من يطلب العدالة والحرية والسيادة والحكم الرشيد في المنطقة.
إن إيران ومشروعها التوسعي في المنطقة العربية التي قسّمها إتفاق ـ سايكس بيكو ـ إنكسر فلا هذه المرة. إن المنطقة العربية وموقعها الإستراتيجي لا يمكن التنازل عنه، فالغرب يرى في المنطقة العربية، مصلحته في الدنيا والآخرة.
وما تأسيس إسرائيل إلا لتنفيذ المخطط القديم لرجال المعبد واليوم يستلمها بعض أصحاب الفيتو في مجلس الأمن الدولي، ويترك كل العناوين العريضة للإنسانية التي تتحدث عنها المنظمات الحقوقية الدولية.
إن وجودحماس وأمثالها ، لابد من إخراجهم قبل اشتعال الفتيلة التي لازال حكام العرب يحاولون بكل ما أوتو من قوة إطفائها والسيطرة عليها ، فتلك المقاومة المسلحة تمثل القوة والحاجز المنيع لإنشاء القناة...
وقد وصلت الرسالة لكل المفاصل ـ الفصائل ـ الإيرانية، وما الإتفاق مع الحوثي في أهم المناطق، التي هي خط أحمر مع أمريكا إلا مقدمات لما حصل، وكانت التفاهمات بين المصالح التي ينتفع بها الكل، فالغرب يحافظ على التيارات الشيعية لأنها تقوم مقامه في جربها ضد الإسلام الآخر (السني) فلها أن تتمد في المكان المتفق عليه، حيث يتم السماح لها بسحق العدو، وهذا العدو، هو عدو مشترك ، وهو الإسلام السني...
إن إزاحة الآخر من أرض العرب بين إسرائيل وإيران، هو إمتداد تاريخي قام مع قيام دولة إسرائيل وعودة الخميني من فرنسا وهو يحمل راية إيران الكبرى، نحو العرب، لكنه أنصدم بحائط المبكى الذي نقله الغرب إلى أصفهان والاحواز وطهران، مثل ماتم نقل الخميني من باريس الى طهران، وهذا النقل كاد إن يخنق حكام طهران...
إن العرب قد دفعوا تكاليف الحرب مقدماً وهم يتمايلون في رقصاتهم المختلفة، رغماً عن أنوفهم ، ومازيارة ـ ترامب ـ إلى المنطقة وأخذ منها المليارات، إلا لتمويل الحرب ضد إيران، واذا لم تدفع أي دولة ما عليها من تكاليف الحماية، لفتحنا الطريق أمام التشكيلات الشعية المسلحة، وأي فصيل من تلك فصائل التابعة لإيران، لكانت له القدرة أن يصل إلى ما يعكر صفو حياتهم، وما وقع في الكويت أيام صدام حسين، إلا تجربة يأخذ منها الدروس والعبر، لمن لا يستجيب...
إن الحروب التي تجري اليوم، كما قالها رجال الغرب وساسته أنها حرباً يؤيدها (الرب) وهي ليست وليدة اليوم بل هي إمتداد تاريخي من أيام صلاح الدين الايوبي والمماليك، والعثمانيين. واليوم هولاكو الشرق الأوسط الجديد، قد وصل لكن هذه المرة يلبس ربطة العنق، هو ـ نتنياهو ـ الذي يمسك بعصاء رجل الشرطة ليتم تأديب الخارج عن الطريق، ولم يبقى غير حماس والمقاومة هي التي تقاوم هذا المشروع وهي التي كشفت عوراتهم وخواهم، في سبعة أكتوبر، وهي الآن مستعدة للسلام المزعوم ، وتعتبر هذه إستراحة محارب، فهي مثلها مثل إيران والصين، تعد للإيام المقبلة، بينما هي كذلك لم يكن خلفها أحد يدعمها على الأرض، اوحتى في المحافل الدولية من اي ناحية كانت، وما تقدمه إيران للمقاومة من دعم، تم إخراجها الآن باعلان وقف الحرب عليها دون أن تشترط إيران وقف الحرب على غزة؛ لأن الرسالة وصلت إليها وعرفت حجمها، فبصرت الخطوط الحُمر، وتلك المقاومة والحاضنة لها إذا لم تستجيب كما أخبر ـ ترامب ـ بأنه سيشتري أرض غزة، لأنها بيت القصيد، فهناك الممر البحري القادم والقناة التي لطالما يحلم بها الغرب وإسرائيل ككل، فقد إعلنها أول رئيس وزراء إسرائيلي، والسباق إلى البدء في العمل للقناة، وما حرب غزة إلا عنوان يخفي خلفه مالم يعلن، وهي حرباً استباقية ضد الصين القادمة. فلماذا لا تدخل الصين هذه المرة الحرب مع إيران، وهي من ساعدة الهند باعظم الطائرات والدفاعات الجوية؟ باختصار الحرب الآن ليست لصالح الصين التي لازالت تعد للمعركة القادمة وهي غير جاهزة لها.
إن الصين الآن تبني أعظم أسطول بحري على مستوى العالم، وقد بنت أكبر سفينة نقل تنقل مايقارب أربعة وعشرين ألف حاوية، والديها مشروع ( طريق الحرير) فهذا الوحش قادم لا محالة، ولكن سيكون ميدان الصراع القادم هي نفس المنطقة أو كما يطلقون عنها بالشرق الأوسط.
فالآن إسرائيل ومن خلفها يعيشون الفرحة بتحقيق أهداف، العم سام.
وبهذا يتحقق لإسرائيل الجانب الديني والاقتصادي مع الغرب، والتوسع الجغرافي، وكذا يتم حجم إيران الكبرى إلى إيران الصغرى، لكن إيران مثلها مثل الصين وغزة، تعلم بهذه الحرب أنها قادمة عليها، فلا تستطيع ضرب الكيان الإسرائيلي في مقتل؛ لأنها تعلم العواقب، لكن الصبر والسير في طريقها دون كلل، وأهم شيء عند إيران في هذه الحرب الخروج بعدم سقوط النظام، والغرب يريد أبقى على النظام الحالي، فإيران لم تتخلى عن طريقها في بناء دولة ـ فارس ـ ولن يكون راكد متوقف لايملك من أمره شئ غيرنا نحن العرب، ونحن نمثل القصعة التي تتداعى عليها الأكلة، فكل التشكيلات العسكرية والأمنية في أغلب البلدان العربية، تعمل لصالح الغرب ضد التيارات المناهضة للشرق الأوسط الجديد...
ونحن نشاهد تلك الأكلة تأكل جزء عظيم من أمتنا وتلك العروش الفاسدة لا تقدم ولا تأخر. 
فكانت البداية من تحطيم جيش لبنان القوي، ثم تنصيب، عائلة الأسد التي أخذت تتحكم بالشعب السوري العظيم... وكذلك تم البسط على جوهرة الأمة العربية مصر، بعدها القضاء على أقوى دولة عربية عسكرياً العراق  وزرع الخلافات السياسية والطائفية والمذهبية بين شعوب الأمة العربية والإسلامية، وكذا تحجيم الدول الإسلامية وتدمير اقتاصدها مثل ماليزيا، واندونيسيا، والحصار الغير المعلن للدولة الباكستانية، وزراعة الأشواك أمادام تركيا.
وما يفعلونه اليوم من جرم خارج النظام الدولي والحقوقي ، في غزة إلا إعلان لمن يتحرك نحوها فيتم سحقه، ونحن في هذه الأيام نسمع بعض الأصوات من إسرائيل تعلن أن بعد إيران الجزائر.
وما يتم الآن في غزة من سحق كل المقومات الأساسية للحياة إلا إعلان لمن يقف في وجه مصالح الغرب الاستعماري، وما إعلان الرئيس الأمريكي ـ ترامب ـ بخروج الشعب في غزة الى مصر حتى يتم تنفيذ القناة التى طال حلمها، ولابد أن تنجز في أقصى سرعة، قبل ما تتنفس الصعداء الصين.
وأن غداً لناظره قريب!