الرئيس العليمي.. الرجل الذي روّض التناقضات في زمن الإنقسام
لا يُقاس القادة بعدد تصريحاتهم، بل بمدى قدرتهم على تهدئة العاصفة وتوجيه السفينة وسط الأمواج المتلاطمة. وفي اليمن، حيث تتناسل الخلافات، وتتشابك الأجندات، ظهر اسم الدكتور رشاد محمد العليمي، ليس كمجرّد رئيس لمجلس القيادة الرئاسي، بل كرجل دولة حقيقي استطاع، بحكمة لافتة وصبر استثنائي، أن يُعيد ضبط بوصلة العمل الوطني، ويجمع الفرقاء المتخاصمين تحت مظلة هدف واحد: مواجهة العدو المشترك، وإنقاذ ما تبقى من الدولة.
المفارقة التي لا تغيب عن الشارع اليمني، أن العليمي، رغم خلفيته الأمنية والعسكرية، اختار أن يُخاطب الداخل بلغة مدنية، بعيدًا عن الاستعراضات والشعارات الجوفاء. لم يبحث عن الأضواء، ولم يُغرق الناس بوعود مُنمّقة، بل انشغل بلملمة الجراح، وترويض الخطابات المتناقضة، حتى باتت لغة الحوار والتهدئة، لا التصعيد والتخوين، هي السائدة بين المكونات الوطنية.
اليمنيون، في المناطق المحررة على وجه الخصوص، يدركون جيّدًا أن ما تحقق، برغم كل ما يُقال، لم يكن ممكنًا لولا ذلك النفس الطويل، والحكمة التي تحلّى بها الرجل وسط بيئة سياسية تُشبه حقل الألغام. فالرئيس العليمي لم يتعامل مع الواقع بمنطق المنتصر أو المغلوب، بل برؤية رجل يُدرك أن لا أحد سينجو إذا انفجرت التناقضات الداخلية، وأن الخطر الحقيقي يتربّص بالجميع، ولا يستثني أحدًا.
تحت قيادة العليمي، ورغم الحملات الإعلامية والتشكيك، عادت الدولة لتُعيد تموضعها في الداخل. انتقل مركز القرار إلى عدن، وبدأت المؤسسات تستعيد شيئًا من حضورها، ولو ببطء. أما الخصوم السياسيون، الذين كانت تجمعهم الشكوك أكثر من القواسم المشتركة، فقد جلسوا على طاولة واحدة، بفضل إصرار الرجل على أن لا مفرّ من الحوار، ولا جدوى من الإقصاء.
الرئيس العليمي ليس قائدًا يبحث عن التصفيق، ولا رجلًا يُجيد الضجيج الإعلامي، بل مسؤول يُدرك جسامة اللحظة، ويُحسن قراءة الواقع، ويعرف أن طريق الخلاص يبدأ من الداخل، من وحدة الصف، وتجاوز الحسابات الضيّقة، وتوجيه البوصلة نحو المعركة الحقيقية مع مليشيا الحوثي، العدو المشترك لكل يمني حريص على بقاء هذا الوطن.
اليوم، وبينما تتكاثر الحملات الممنهجة لتشويه صورة الرئيس، يدرك المواطن اليمني البسيط، في المناطق المحررة تحديدًا، أن الرجل الذي روّض التناقضات، وأعاد لملمة الصفوف، يستحق الدعم لا الهجوم، ويستحق النقد البنّاء لا الطعن والتشكيك.
لقد أثبت العليمي، بما لا يدع مجالًا للشك، أن الحنكة السياسية ليست حكرًا على جهابذة الأحزاب، وأن العسكرية، حين تقترن بالحكمة والمدنية، قادرة على إدارة مرحلة حرجة بحجم ما تمرّ به اليمن اليوم.
ولندرك جميعًا أننا أكثر من أي وقت مضى لا نحتاج إلى صخب سياسي جديد، بل إلى مزيد من الهدوء، وإلى رجل يُجيد فن التهدئة وتوحيد الصفوف.
واليمن، رغم كل التحديات، وجد في رشاد العليمي ذلك الرجل.