الطامحون كثيرون لكن من يحمل الرؤية قليلون
في عالم السياسة، لا يدان الطموح، بل يوزن بمقدار ما يحمله من مضمون، وما يتكئ عليه من مشروع، فالسلطة بحد ذاتها ليست غاية تطلب، بل وسيلة توظف لبناء دولة، وحماية كرامة المواطن، وترسيخ العدل.
السياسي الحقيقي ليس من يلهث خلف المنصب أو النفوذ، بل من يعتلي المسؤولية وهو متسلح برؤية واضحة، وخطة عملية، وشجاعة أخلاقية في مواجهة الفساد والانحراف، أما من لا يحمل فكرة، ولا يؤمن برسالة، فهو مجرد طامع.
أن الشعوب اليوم، قد خبرت الوجع، وعرفت التضليل، لقد تجاوز الوعي الشعبي مرحلة الخداع بالشعارات، ولم يعد يبحث عن من يتقن الخطابة، بل عن من يحسن الإدارة، ويبني مؤسسات، ويواجه الفساد دون تردد، ولا يساوم على الحقوق والثوابت. فالطامح لأي موقع قيادي اليوم، يجب أن يسأل: ما ط رؤيتك لمستقبل الدولة؟ وما أدواتك لتحقيقها؟ وكيف ستواجه التحديات المعقدة؟ وما موقفك من شبكات الفساد التي نخرت جسد الدولة؟
الإجابة على هذه الأسئلة هي مفتاح الثقة، وهي ما يميز بين قائد يحمل مشروعًا، وآخر يلهث وراء لقب أو منصب.
الشرعية لا تمنح فقط عبر الصناديق، بل تثبت في الميدان، وعلى الأرض، وفي القلوب، والسياسة في جوهرها خدمة، لا مصلحة، ومن لم يفهم هذا، أو تظاهر بفهمه دون التزام، فهو غير مؤهل لحمل أمانة السلطة، ولا يستحق موقع القيادة.
في الختام، فليكن معيارنا في الحكم على السياسيين هو ما يقدمونه من مشروع، لا ما يوزعونه من وعود، فالوطن لا يبنى بالشعارات، بل بالمواقف، والإرادة، والعمل الجاد.