أبيع نفسي ولا أبيع طحيني فإن جوع أطفالي قطع شراييني
في بيت شعري بسيطٍ في كلماته، عميقٍ في وجعه، يُجسِّد الشاعر صلاح البندق مأساةً وجودية يعيشها الكثيرون: كيف تصون كرامتك وسط جوع أبنائك؟ هل تبيع مبادئك من أجل رغيف؟ أم تبيع نفسك كي لا تمسّ ما تبقى من إنسانيتك؟
1. "أبيع نفسي ولا أبيع طحيني"
المعنى الظاهري:
يفضّل الشاعر أن يفني نفسه على أن يفرّط في "طحينه".
الرمز:
الطحين هنا ليس مجرد دقيق، بل رمزٌ لشيء أثمن: الكرامة، القوت، أو المبدأ.
أما "بيع النفس" فهو تعبير عن أقصى درجات التضحية.
الدلالة:
رفضٌ صارخ للمساومة. الشاعر لا يريد أن يبيع ما يصونه كإنسان، حتى لو دفع حياته ثمناً لذلك. وكأن الطحين بات آخر حصن للكرامة.
2. "فإن جوع أطفالي قطع شراييني"
المعنى الظاهري:
جوع الأبناء لا يُطاق، وكأنه يمزق الشرايين.
الرمز:
جوع الأطفال يرمز إلى الخذلان، والفقر المدقع، وانعدام الأمان.
أما قطع الشرايين فهو رمز للموت البطيء أو الألم الذي لا يُحتمل.
الدلالة:
الحياة عند الأب ليست فردية. جوع أطفاله كفيلٌ بإنهاء روحه، حتى لو بقي جسده حيًّا. إنها حالة فناء معنوي.
الرسالة العامة:
هذا البيت ليس مجرد شكوى شخصية، بل صرخة مجتمع بأكمله.
هو صراع بين الكرامة والجوع، بين بقايا الإنسان ووطأة الحاجة.
يقول الشاعر: قد أبيع نفسي... لكن لا أبيع كرامتي.
فحين يصير الطحين رمزًا لما تبقى من إنسانية الإنسان، فإن التفريط به هو انتحار داخلي.