برؤية حكيمة ودعم حكومي .. رئيس الوزراء يستعيد دور مصافي عدن كمنطقة حرة ..

في خطوة تحمل من الرمزية بقدر ما تحمل من الرؤية، وجّه رئيس مجلس الوزراء الدكتور سالم صالح بن بريك بإعداد خطة واقعية ومزمنة لإعادة تشغيل مصافي عدن، ضمن إطار المنطقة الحرة – عدن، في قرار يعيد تسليط الضوء على واحدة من أبرز المنشآت النفطية في البلاد، التي تعطلت لعوامل مركبة منذ سنوات.

هذا التوجيه الذي جاء خلال اجتماع رسمي ترأسه دولته مع قيادة شركة مصافي عدن، لا يمكن قراءته بمعزل عن التحولات التي تشهدها عدن، والعزم الحكومي على استعادة المؤسسات الكبرى من حالة الجمود، إلى مسار الفاعلية والإنتاج.

المصافي والمنطقة الحرة.. تكامل ضرورة لا خيار

منذ أن تأسست المنطقة الحرة – عدن، شكّلت مصافي عدن جزءاً من بنيتها الاقتصادية واللوجستية. واليوم، مع توجه الحكومة لتفعيل هذا التكامل، يبدو أن الرؤية تتجه نحو إعادة تعريف دور المصافي، لا كمجرد منشأة نفطية، بل كمنطقة خدمية وصناعية متكاملة تعمل تحت مظلة قانونية حديثة، وبيئة استثمارية مرنة.

إن قرار رئيس الوزراء بربط المصافي مباشرة بالمنطقة الحرة – وتحديدًا قطاع (N) – يعكس إدراكًا عميقًا لما توفره هذه المنطقة من تسهيلات جمركية وتشغيلية وقانونية، من شأنها أن تمنح المصافي قدرًا عاليًا من القدرة على التفاعل مع السوق المحلية والإقليمية، بعيدًا عن البيروقراطية التي كبّلتها لعقود.
القيادة تدير بإدراك.. والدولة تراهن على التعافي من الداخل !!
ما يميز هذا التوجيه أنه لم يأتِ كرد فعل على أزمة طارئة، بل كخطوة محسوبة في سياق إعادة الاعتبار لمؤسسات الدولة الإنتاجية. وقد أكد رئيس الوزراء في لقائه بقيادة المصافي أن الحكومة مصمّمة على دعم هذا الصرح، وإعادته للعمل بروح الفريق، مع الالتزام الكامل بالحوكمة والمساءلة.
بل إن دولته أشار بوضوح إلى ضرورة مراجعة الاختلالات السابقة، ومحاسبة كل من تسبب في إضعاف المصافي أو عرقلة تشغيلها، وهو ما يعزز مناخ الثقة في جدية التوجه الحكومي هذه المرة.
إشارات ميدانية تدل على عودة وشيكة!!
بحسب ما تم استعراضه، فإن وحدتين لإنتاج مادة الإسفلت سيتم تشغيلهما قريبًا لتغطية احتياجات السوق المحلية، إلى جانب استكمال وحدة تكرير الديزل والمازوت بطاقة إنتاجية تبلغ 6 آلاف برميل يوميًا، وهو ما يُعد مؤشرًا على بداية فعلية للخروج من طور الركود.
كما يجري العمل على مشروع محطة الطاقة الخاصة بالمصفاة، وإعادة ضبط عمليات الاستيراد والرقابة على جودة المشتقات، ما يضع المصافي على أعتاب مرحلة تشغيل متكاملة إن توفرت الإرادة والمتابعة.

عدن ومصافيها.. حين تلتقي الرؤية بالقرار !!

لا شك أن عدن كانت بحاجة لقرارات من هذا النوع؛ قرارات تعيد الروح إلى مؤسساتها، وتوظف موقعها الجغرافي وقدراتها الاقتصادية لصالح نهضة حقيقية. ومن خلال هذا التوجيه، تُعاد مصافي عدن إلى مركز الفعل الاقتصادي، لا كرمز تاريخي فقط، بل كمنشأة قائمة على الإنتاج والجدوى.
وفي حال تم تنفيذ هذه التوجيهات كما هو مرسوم، فإن ما سيتحقق لن يكون مجرد إعادة تشغيل منشأة، بل استعادة لثقة المواطنين في الدولة، وقدرة القيادة على تحويل الجمود إلى إنجاز.
في الختام الخطوة التي اتخذها رئيس الوزراء تُقرأ كتحول في نمط إدارة الملفات الاقتصادية، من المعالجات الظرفية إلى التمكين المؤسساتي الحقيقي. والمراهنة على المنطقة الحرة كنظام حاضن لمصافي عدن هي مراهنة ذكية، ترتكز على الواقع وتستشرف المستقبل.

ويبقى التحدي الأكبر في استمرار الزخم والمتابعة والتنفيذ الفعلي، بما يليق بعدن ومصافيها، وما تستحقه اليمن من مؤسسات تعمل، لا تنتظر.