خطر خفي داهم.. هل تعلم تريم به ؟
تريم مدينة مفتوحة، تقبل كل من يفد إليها، طلبا للعلم، والأمان، والتجارة، ولتوافر الخدمات، وغيرها.
في الوقت الحالي الوفود إلى هذه المدينة يتركز في أبناء المحافظات الشمالية الذين غادروا ديارهم تحت وطأت ظروف معينة، يقولون أنها أثرت عليهم، وأوضاع غير المستقرة أجبرتهم على الرحيل إلى هنا.
وكثير ومن هذا الوفود يتم توصيفه تحت مسمى (النزوح)، وبصرف النظر عن حقيقة هذا النزوح بمفهومه المتعارف عليه، إذ نجد هؤلاء وقت ما أرادوا أن يعودوا إلى مناطقهم عادوا، وفي المناسبات والأعياد وشهر رمضان تجد أفواجهم تغادر المدينة بشكل ظاهر للعيان، كما أن أوضاعهم في المدينة ووادي حضرموت عموما لا تدل على أنهم نازحون.
لسنا الآن بصدد التحقيق والتدقيق في حقيقة هذا النزوح، فالجهات المسؤولة على المديرية هذا عملها، والذي يجب أن تقوم به على الوجه الأكمل لدواعٍ أمنية تتعلق بأمن هذه المدينة الآمنة، وسلامة أهلها.
لكن نحن هنا نضع مانخشي أن يتم بطريقة ممنهجة وبهدوء، وهو إدخال المناهج المنحرفة، التي لا تقرها سياسة الدولة، ولا فلسفتها التربوية، ولا المجتمع ذاته، عن طريق جماعات دخلت المدينة في خضم الوفود الذي نخشى ألا يكون مراقب جيدا باسم النزوح.
قد تكون هذه المناهج محصورا تداولها وتعليمها على فئة معينة، ومجتمع يؤمن بها، يعيش في المدينة. ولكن هذه الفئة والمجتمع تكمن خطورته في وجوده أصلا، فهي تغدو بطبيعة الحال خلايا نائمة للشر الموجود في المحافظات الشمالية، والذي عينه على المحافظات الجنوبية ودوما وأبدا.
قبل أربعة أعوام كنت في إحدى المكتبات التي تصور الكتب في تريم، حينها كان صاحب المكتبة يصور كتابا لي، وكنت جالسا منتظرا.
دخل أحد الإخوة من المحافظات الشمالية ومعه مجموعة من الكتيبات يريد من صاحب المكتبة تصويرهن له. ولأن المكتبة صغيرة فقد كان الرجل واقفا بجانبي، وحينما تم وضع الكتب على الطاولة كانت أمامي مباشرة. وحقيقة الرجل لم يهتم. ولم يعرني انتباهه.
تأملت الكتب التي أمامي والتي كان يقلبها مع صاحب المكتبة، فإذا هي كتب المنهج الدراسي الحوثي للصفوف الدنيا، وقد كنت على علم من خلال متابعتي كتربوي للتغييرات التي أحدثها الحوثي في المنهج. فقلت له: (هذا المنهج الحوثي؟)
فقال دون إن يهتم: ( مابلا هذه كتب الحوثي نريد نطلع عليه.)
فقلت: ( كيف وصل هذا المنهج إلى تريم؟)
حينها انتبه ونظر إلي وسحب النسخ التي كانت قدامي في ارتباك واضح وهو يقول: (هذه خرجناها تهريبا لتشوفه الوزارة؟)
فقلت له: (أنا موجه تربوي وعلى اتصال مباشر مع قطاع التوجيه في الوزارة في عدن، يمكن الآن أتصل بهم ونشوف الأمر، أريد نسخا من هذه.)
زاد ارتباك الرجل وهو يقول: (لا لا ما نريد حد يعرف، الطالب اللي سحبت منه النسخ في صنعاء سيتعرض للخطر. هذه تم تهريبها من الحوثة كما قلت لك.)
وكان يلملم الكتب في سلة دعاية.
ثم واصل: ( بانطبعهم وبنبزهم مكتب التربية مأرب يطلعون عليهم.)
ولارتباكه الشديد لم يتفق هو وصاحب المكتبة على كيفية التصوير، فغادر.
قلت لصاحب المكتبة: (الأمر لا يعقل، معروفا عن الحوثة أن لا شيء يخرج من عندهم أو يدخل إلا بتفتيش دقيق، ومن الصعوبة أن تخرج هذه الكتب.
كما أن مسألة خروج الكتب من صنعاء إلى تريم من أجل طباعتها، ثم الرجوع بها إلى مأرب لفحصها من قبل مكتب التربية هناك مسألة غير منطقية، يعني مافيش تصوير في مأرب.
واضح أن الجماعة ملغمين تريم بمراكزهم).
إلى هنا انتهى كلامي حينها.
وما زلت إلى يومنا هذا في ريب مما شاهدت.
وأخشى ما أخشى أن تكون هذه الكتب وهذا المنهج يدرس في مدينة تريم في كتاتيب خاصة في البيوت، والجهات المختصة- التي لن ترضى بذلك- لا تعلم شيئا...